responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 490
حرمتهم كلَّ خير، وتبعهم نور الدين، فلما تقاربوا اصطفُّوا للقتال، وبدأت الفرنج بالحملة على ميمنة المسلمين، وبها عسكر حلب وفخر الدين، فبدَّدوا نظامهم، وزلزلوا أقدامهم، وولُّوا الأدبار وتبعهم الفرنج وكانت تلك الضَرَّة من الميمنة عن اتفاق ورأي دَبَّروه، ومكرٍ بالعدو مكروه، وهو أن يبعد عن راجلهم، فيميل عليهم من بقي من المسلمين، ويضعوا فيهم السيوف، ويرغموا منهم الأنوف، فإذا عاد فرسانهم من أثر المنهزمين لم يلقوا راجلاً يلجؤون إليه، ويعود المنهزمون في آثارهم وتأخذهم سيوف الله من بين أيديهم ومن خلفهم، فكان الأمر على ما دبَّروا، فإن الفرنج لما تبعوا المنهزمين عطف زين الدين في عسكر الموصل على راجلهم، فأفناهم قتلاً وأسراً، وعادت خيَّالتهم ولم يُمنعوا في الطلب، خوفاً على راجلهم من العطب، فصادفوا راجلهم على الصعيد معفَّرين، وبدمائهم مضَّرجين، فسُقط في أيديهم، ورأوا أنَّهم قد ضلُّوا، وخضعت رقابهم وذلُّوا فلما رجعوا عطف المنهزمون أعنَّتهم، وعادوا، فبقي العدو في الوسط وقد أحدق بهم المسلمون من كلَّ جانب، فحينئذ حمى الوطيس، وباشر الحرب المرؤوس والرئيس، وقاتل الفرنج قتال من يرجو بإقدامه النجاة، وحاربوا حرب من أيس من الحياة، وانقضَّت العساكر الإسلامية عليهم إنقضاض الصُّقور على بُغَات الطيور، فمزَّقوهم بَدَداً وجعلوهم قِدَداً، فألقى الفرنج بأيديهم إلى الإسار وعجزوا عن الهزيمة والفرار، وأكثر المسلمون فيهم القتل وزادت عدة القتلى على عشرة آلاف ([1]
وقال الذهبي: .. ثم التقاهُم في سنة 59 فطحنهم وأسر ملوكهم، وقتل منهم عشرة آلاف بحارم [2]. وأما أسروا وهم الذين من قبل ذُكروا [3]. وسار نور الدين بعد الكسرة إلى حارم فملكها في الحادي والعشرين من رمضان، وأشار أصحابه عليه بالمسير إلى أنطاكية ليملكها، لخلَّوها ممن يحميها ويدفع عنها، فلم يفعل. وقال: أما المدينة فأمرها سهل، وأما القلعة التي لها فهي منيعة لا تؤخذ إلا بعد طول حصار، وإذا ضيقنا عليهم أرسلوا إلى صاحب القسطنطينية وسلَّموها إليه ومجاورة بوهيمند أحبُّ إليَّ من مجاورة ملك الروم وبث سراياه في تلك الأعمال والولايات فنهبوا وسبوا، وأوغلوا في البلاد حتى بلغوا اللاذقية والسّويداء وغير ذلك وعادوا سالمين ثم إن نور الدين أطلق بوهيمند صاحب أنطاكية بمال جزيل أخذه منه، وأسرى كثيرة من المسلمين أطلقهم [4].

تلك كانت أهم ملامح العلاقات النورية الأنطاكية انتصارات تلو انتصارات بلغت

[1] كتاب الروضتين (1/ 418).
[2] سير أعلام النبلاء (20/ 415).
[3] كتاب الروضتين في أخبار الدولتين (1/ 4198).
[4] المصدر نفسه (1/ 419).
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 490
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست