responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 479
لعدة اعتبارات منها؛ أن بعض المواد الخام وجدت في أرض أعدائها وكانت في حاجة إليها من أجل عمليات التصنيع، ثم أن بعض الطرق التجارية الدولية التي مرت ببلاد الشام كانت منافذها في المناطق الساحلية الصليبية وكان تصريف الدولة النورية يحتم ضرورة وجود صلات ما من أجل ضمان وصول السلع إلى شاطئ البحر المتوسط ومنه إلى أوروبا، كذلك فإن المتاجرة مع مملكة بيت القدس كانت تدر على الدولة أرباحاً طائلة من عائد - العشور - على نحو يدعم ميزانيتها، وتوجد إشارات إلى وجود علاقات وثيقة بين الجانبين على المستوى التجاري، ويقرر ابن جبير أن: اختلاف القوافل من مصر إلى دمشق على بلاد الإفرنج غير منقطع واختلاف المسلمين من دمشق إلى مكة كذلك وتجار النصارى أيضاً لا يمنع أحدهم ولا يعترض. ويضيف أن القوافل المسلمين تخرج إلى بلاد الفرنج وسبيهم يدخل إلى بلاد المسلمين [1]. وإذا كان نص ابن جبير المذكور يرجع إلى العصر الأيوبي، فإنه يعد امتداداً طبيعياً لما هو موجوداً بصورة فعلية من قبل في عهد الدولة النورية [2]، ومن جهة أخرى، فبالنسبة للصليبيين، نعرف أنهم كانوا يدخلون إلى دمشق وغيرها من المدن المسلمة من حين لآخر من أجل " قضاء حوائجهم " ([3]
وطبيعي أن من بينها عمليات الشراء والمتاجرة مثلما حدث عام 546هـ/1151م [4]. ولاشك في أن الدولة النورية عندما كانت تهادن القوى الصليبية، كانت تضع نصب عينيها المصالح التجارية، بل أن تلك المصالح هي التي حددت - في بعض الأحيان - موقفها السياسي من أعدائها [5]. وأما الجانب العسكري، فتمثل في أن الحروب التي خاض غمارها الجيش النوري ضد مملكة بيت المقدس كانت حروباً موسمية في الغالب، ولم يكن يستطيع أن يواصل الحرب على مدى العام بأكمله، واحتاج إلى أن تكون هناك بضعة أشهر لإراحة القوات من عناء القتال، ثم أن الحرب نفسها ضد الصليبيين كانت باهظة التكاليف من حيث الأسلحة، وإعداد الجند وتوفير التموين اللازم وإعداد الدواب إلى غير ذلك، ثم إنها مثلت استهلاكاً لموارد الدولة على نحو هددها اقتصادياً، وأمام تلك الاعتبارات كان الاتجاه السلمي مطلباً ضروريا من وجهة النظر النورية، ولا نغفل أيضاً أنها اتجهت إلى مهادنة مملكة بيت المقدس لكي تتفرغ للحرب في الجبهة الشمالية حيث إمارة أنطاكية أو لكي تواجه سلاجقة الروم، وكان أخوف ما تخافه أن تقع بين شقى الرحى، إمارة أنطاكية وهي تشن هجماتها الحربية على مركز الدولة التجاري في حلب، ومملكة بيت المقدس تهاجم مركزها التجاري والصناعي في الجنوب أي في دمشق، إذ أن ذلك

[1] الرحلة ص 253.
[2] فن الصراع الإسلامي الصليبي ص 154.
[3] ذيل تاريخ دمشق ص 314 ..
[4] فن الصراع الإسلامي الصليبي ص 155.
[5] المصدر نفسه ص 155.
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 479
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست