اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 419
لا يظن أن أحداً أكرم عليه منه، ويتفقد من غاب من أصحابه ويسأل عن شأنهم ويحفظ ودهم ويعفو عن سيئاتهم ويصدق من حلف له ويخفي علمه فيه وكان يأمر كل ليلة بمد السماط ويأكل مع الأضياف والفقراء، وكان إذا أهديت له هدية فرقها أو بعضها على من حضر ويكافيء عليها مهديها [1]، مع أنه لم يكن يخرج من مدرسته إلا للمسجد أو الرباط فقد كان سريع الذهاب لمشاركة الناس أحزانهم، فلو راجعنا ماكتبه ابن الجوزي، وابن رجب، وسبط ابن الجوزي، وابن خلكان، والذهبي، وابن العماد الحنبلي لوجدنا الكثير من المتوفين المشهورين من العلماء وأرباب الخير يقال عن وأحدهم " صلى عليه الشيخ عبد القادر [2] وكان الإقبال على الطاعة والخضوع إلى الله وكان كثير الذكر دائم الفكر سريع الدمعة ([3])،
وكان له حنطة مرباة من الحلال بيد بعض أصحابه من الرستاق يزرعها له كل سنة وكان بعض أصحابه يطحنها ويخبز له منها ويكون غذاؤه [4] منها وكان لا يمس الذهب بيده فإذا جاء أحد بذهب قال له: ضعه تحت السجادة، فإذا جاء خادمه قال له: ما تحت السجادة وأعطه الخباز والبقال. (5)
- وفاته: أجمع المؤرخون على أن الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله قد توفي عام
561هـ [6]، وقد عاش عبد القادر إحدى وتسعين سنة [7] وقيل: إنه لم يمرض في حياته مرضاً شديداً سوى مرض موته الذي دام يوماً وليلة فقط [8]. وقد سأله ابنه عن مرضه فقال له: لا يسألني أحد عن شيء، أنا أتقلّب في علم الله عز وجل، إن مرضي لا يعلمه أحد، ولا يعقله أحد، وسأله ابنه الشيخ عبد الجبار ماذا يؤلمك من جسمك؟ فقال رحمه الله: جميع أعضائي إلا قلبي فما به ألم وهو مع الله عز وجل وكان يقول رحمه الله تعالى: أنا لا أخاف من أي إنسان، أنا لا أخاف من الموت، ولا من ملك الموت. وكان يرفع يديه ويمدهما وهو يقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ثم أتاه الحق وسكرة الموت فجعل يردد: استعنت بلا إله إلا الله سبحانه من تعزَّز بالقدرة، وقهر عباده بالموت، لا إله إلا الله محمد رسول الله، وقد تعذر عليه التلفظ بكلمة: تعزز فظل يرددها حتى تلفظ بها، ثم أخذ يردد: الله، الله، الله، حتى خفي صوته ولسانه ملتصق بسقف حلقه، ثم خرجت روحه الكريمة رحمه الله [9]. [1] نشأة القادرية ص 132. [2] المنتظم (10/ 85، 122) نشأة القادرية ص 132. [3] طبقات الحنابلة (1/ 292) نشأة القادرية ص 133 .. [4] نشأة القادرية ص 133.
(5) بهجة الأبرار ص 104 نشأة القادرية ص 133. [6] الشيخ عبد القادر الجيلاني ص 265 للكيلاني. [7] نشأة القادرية ص 133 [8] الشيخ عبد القادر الجيلاني لعبد الرزاق الكيلاني ص 265. [9] المصدر نفسه ص 266.
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 419