اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 362
وأربعمائة للهجرة [1] وقيل: إنه ولد سنة سبعين وأربعمائة هجرية [2].
4 - طلبه للعلم ورحلاته: رحل الشيخ عبد القادر الجيلاني من بلده ومسقط رأسه جيلان إلى بغداد حيث دخلها سنة 488هـ وعمره آنذاك ثماني عشرة سنة والتقى في بغداد بمجموعة من مشاهير العلماء الذين نهل من مناهلهم واستفاد من معارفهم حتى أصبح عالماً في مختلف العلوم إذ يصفه الذهبي في ترجمته له بأنه: الشيخ الإمام العالم الزاهد العارف القدوة شيخ الإسلام وعلم الأولياء ومحي الدين [3]، وكما يصفه ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة بأنه: شيخ العصر وقدوة العارفين وسلطان المشايخ صاحب المقامات والكرامات والعلوم والمعارف [4]، وقد أمضى في طلب العلم اثنين وثلاثين سنة درس فيها مختلف علوم الشريعة ثم جلس للتعليم والوعظ سنة 520هـ [5]. وكان خلال فترة طلبه للعلم رغم طولها يعاني من ضيق العيش ويكابد مرارة الحرمان إلا أن ذلك لم يفت في عزيمته ولم يعوقه عن المثابرة في طلب العلم [6]، وقد نقل ابن رجب ما يصَّور لنا تلك المعاناة من كلان الشيخ نفسه حيث يقول: وكنت أقتات الخرنوب ([7])،
الشوك وقمامة البقل وورق الخس من جانب النهر والشط وبلغت الضائقة في غلاء نزل ببغداد أن بقيت أياماً لم آكل طعاماً بل كنت أتتبع المنبوذات أطعمها يوماً من شدة الجوع لعلي أجد ورق الخس أو البقل، أو غير ذلك، فأتقوت به فما ذهبت إلى موضع إلاَّ وغيري قد سبقني إليه، وإن وجدت أجد الفقراء يتزاحمون عليه فأتركه حياءاً، فرجعت أمشي وسط البلد لا أدرك منبوذاً إلا وقد سبقت إليه حتى وصلت إلى مسجد ياسين بسوق الرياحين ببغداد وقد أجهدني الضعف وعجزت عن التماسك فدخلت إليه ووقعت في جانب منه وقد كدت أصافح الموت، إذ دخل شاب أعجمي ومعه خبز صاف وشواء وجلس يأكل فكنت أكاد كلما رفع يده باللقمة أن أفتح فمي من شدة الجوع حتى أنكرت ذلك على نفسي فقلت: ما هذا وقلت ما ههنا إلاَّ الله أو ما قضاه عليّ من الموت إذا التفت إليّ العجمي فرآني فقال: بسم الله يا أخي فأبيت فأقسم عليّ فبادرت نفسي فخالفتها فأقسم أيضاً فأجبته فأكلت متقاصراً، فأخذ يسألني ما شغلك ومن أين أنت وبمن تُعرف فقلت: أنا متفقه من جيلان فقال: وأنا من جيلان فهل تعرف شاباً جيلانياً يسمى عبد القادر فقلت: أنا هو فأضطرب وتغير وجهه وقال: والله لقد وصلت إلى بغداد ومعي بقيت نفقة لي فسألت عنك فلم يرشدني أحد ونفدت نفقتي ولي [1] سير أعلام النبلاء (20/ 439). [2] بهجة الأسرار للشطنوفي ص 88. [3] سير أعلان البنلاء (20/ 439). [4] ذيل طبقة الحنابلة لابن رجب (1/ 290). [5] المصدر نفسه (1/ 291). [6] الشيخ عبد القادر الجيلاني ص 32. [7] الخرنوب: شجر بري ذو شوك ذو حمل كالتفاح لكنه بشع ..
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 362