خطة نور الدين في بداية فتح مصر:
كانت خطة نور الدين في بداية فتح مصر تركز على أمرين هامين:
الأول: تغيير النظام القضائي بها بحيث يعتمد على مذهب السنة بدلاً من المذهب الشيعي الإسماعيلي الباطني، وحاول نور الدين أن يكل هذا الأمر إلى الفقيه الشافعي شرف الدين بن أبي عصرون، يذكر أبو شامة أنه وقف على كتاب بخط نور الدين إلى هذا الفقيه - وكان بحلب يطلب منه الذهاب إلى مصر ليتولى قضاءها ومما قاله نور الدين للشيخ: أنت تعلم أن مصر اليوم قد لزمنا النظر فيها، فهي من الفتوحات الكبار التي جعلها الله دار إسلام بعد أن كانت دار كفر ونفاق .. إلا أن المقدم على كل شيء أمور الدين التي هي الأصل، وبها النجاة، وأنت تعلم أن مصر ماهي قليلة، وهي خالية من أمور الشرع .. والآن قد تعين عليك وعلي أيضاً أن ننظر إلى مصالحها، وما لنا أحد اليوم لها إلا أنت .. فيجب أن تشمر عن ساق الاجتهاد، وتتولى قضاءها، وتعمل ما تعلم أنه يقربك من الله [2].
والأمر الثاني: كان يتعلق بإقامة الخطبة العباسية في مصر فما أن استقرت عساكر نور الدين فيها حتى وردت عليه رسالة من الخليفة المستنجد يتعجل إقامة الخطبة له في مصر، ثم لما ولي " المستضيء " في عام 566هـ/1170م كرر هذا الطلب، وكان نور الدين بدوره يطلب من صلاح الدين الإسراع في تنفيذ هذه الخطوة. لكن صلاح الدين كان يؤثر اتخاذ خطوات متدرجة حتى لا يواجه بما لا تحمد عقباه إلى أن ألزمه نور الدين بذلك إلزاماً لا فسحة فيه في رسالة أرسلها إليه مع والده نجم الدين أيوب، فاعتذر لأبيه بأن هذا الأمر إن لم يؤخذ بالتدرج فسيؤل أمره إلى الفساد وفعلاً كان صلاح الدين يسير نحو رغبة نور الدين بخطوات متأنية، استطاع بعدها أن يقطع خطبة العاضد الفاطمي، ويخطب للخليفة العباسي في المحرم من عام 567هـ/1171م وما لبث العاضد أن توفي بعد أيام من الدعاء للعباسيين على منابر مصر وبموته سقطت الدولة الفاطمية [3]، وأرسل نور الدين القاضي ابن أبي عصرون إلى الخليفة العباسي يحمل راسلة تتضمن البشارة بهذا الحادث الكبير، وأمره نور الدين أن يقرأ البشارة في كل مدينة يمر بها، فلم يترك مدينة في الطريق إلى بغداد إلا دخلها، [1] التاريخ السياسي والفكري للمذهب السني ص 220. [2] كتاب الروضتين نقلاً عن التاريخ السياسي والفكري ص 220. [3] التاريخ السياسي والفكري ص 221.
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 221