اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 196
الشهادة وترغب لتفوز بالأجر العظيم [1] قال تعالى " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون. فرحين بما آتاهم الله من فضله وستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألاّ خوف عليهم ولا هم يحزنون " (آل عمران: الآية: 169 - 170). وقال تعالى: " ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتٌ بل أحياء ولكن لا تشعرون " (البقرة، آية: 154).
وورد في السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن أرواح الشهداء في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم أطَّلاعة فقال: هل تشتهون شيئاً؟ قالوا: أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا؛ فعل بهم ذلك ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا: يارب نريد أن تُردَّ أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى فلما رأى أن ليس لهم حاجة تُرِكوا [2]. فالشهيد فضله عظيم ومكانته رفيعة، فإذا كان الله - سبحانه وتعالى - فضل المجاهدين على القاعدين فالشهداء أكثر فضلاً وأعظم تشريفاً [3]. ولقد قاتل نور الدين الأعداء وجاهد في الله حق جهاده حتى استحق لقب الشهيد [4]، تشريفاً وتكريماً من الأمة لهذا البطل المجاهد الفذ.
الثاني عشر: عبادته: كان الملك العادل نور الدين محمود الشهيد يصلي أكثر الليالي ويناجي ربه مقبلاً بوجهه عليه ويؤدي الصلاة في أوقاتها بتمام شرائطها وأركانها وركوعها وسجودها [5] ويحافظ على الجماعة وكان كثير الابتهال إلى الله عز وجل في أموره كلها [6]. وكان من عادة نور الدين أنه ينزل إلى المسجد بغلس، ولا يزال يركع فيه حتى يصلي الصبح [7] وقال ابن الأثير: حدثني صديق لنا بدمشق - كان رضيع الخاتون زوجة نور الدين - فقال: كان نور الدين يصليّ فيطيل الصلاة، وله أوراد في النهار، فإذا جاء الليل وصلى العشاء نام، ثم يستيقظ نصف الليل، ويقوم إلى [1] المصدر نفسه ص 96. [2] مسلم، كتاب الإمارة (3/ 1502). [3] الإعداد المعنوي والمادي للمعركة في ضوء القرآن والسنة ص 97. [4] نور الدين في الأدب العربي ص 48. [5] كتاب الروضتين نقلاً عن نور الدين الرجل والتجربة ص 46. [6] البداية والنهاية (16/ 490). [7] كتاب الروضتين نقلا عن نور الدين محمود ص 46.
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 196