اسم الکتاب : عمر بن عبد العزيز معالم التجديد والإصلاح الراشدي على منهاج النبوة المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 333
أحدهما: نشر التوجيه أو القرار أو الإجراء في أكبر عدد من المسلمين، من كل بلد من بلدانهم، والثاني سرعة الإنتشار الذي يحققها إعلان القرار أو التوجيه في هذا الجمع في ذلك الوقت [1].
ومن ذلك كتابه إلى أهل الموسم الذي جاء فيه: أما بعد: فإني أشهد الله وأبرأ إليه في الشهر الحرام والبلد الحرام، ويوم الحج الأكبر إني برئ من ظلم من ظلمكم، وعدوان من إعتدى عليكم، أن أكون أمرت بذلك أو رضيته أو تعمدته إلا أن يكون وهماً مني، أو أمراً خفي علي لم أتعهده وأرجو أن يكون ذلك موضوعاً عني مغفوراً لي إذا علم مني الحرص والإجتهاد، ألا وإنه لا إذن على مظلوم دوني وأنا معول كل مظلوم، ألا وأي عامل من عمالي رغب عن الحق ولم يعمل بالكتاب والسنة فلا طاعة له عليكم، وقد صيرت أمره إليكم حتى يراجع الحق وهو ذميم، ألا وإنه لا دولة بين أغنيائكم، ولا أثرة على فقرائكم في شئ من فيئكم، ألا وأيما وارد ورد في أمر يصلح الله به خاصاً أو عاماً من هذا الدين فله مابين مائتي دينار إلى ثلاث مائة دينار على قدر ما نوى من الحسنة وتجشم من المشقة، رحم الله إمرءاً لم يتعاظمه سفر يجئ الله به حقاً لمن وراءه، ولولا أن أشغلكم عن مناسككم لرسمت لكم أموراً من الحق أحياها الله لكم وأموراً من الباطل أماتها الله عنكم، وكان الله هو المتوحد بذلك فلا تحمدوا غيره، فإنه لو وكلني إلى نفسي كنت كغيري والسلام [2]. فهذا كتاب عظيم من أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز في محاربة الظلم وإقرار العدل فهو قد سعى جاهداً في رد المظالم التي عرف عنها، ولكنه يتوقع أن هناك مظالم لم تصل إليه، فكتب هذا الكتاب وأعلنه في موسم الحج الذي يضم وفوداً من أغلب بلاد المسلمين، لتبرأ ذمته من مظالم خفية لم تبلغه، وأعلن في هذا الكتاب براءته من الولاة الذين يقع منهم شيء من الظلم، وربط طاعتهم بطاعة الله تعالى، فهو بهذا يجعل كل فرد من أفراد الأمة رقيباً على أمير بلده، يسعى في تثبيته إذا استقام وفي تقويمه إذا أنحرف ...
ومن أروع ما جاء في هذا الكتاب تخصيص مبلغ من المال لمن يسعى في إصلاح أمور الأمة، وفي ذلك ضمان النفقة لمن أراد أن يسافر من أجل ذلك حتى لا يفقد به التفكر في تامين [1] المصدر نفسه صـ339. [2] حلية الأولياء (5/ 292 ـ 293).
اسم الکتاب : عمر بن عبد العزيز معالم التجديد والإصلاح الراشدي على منهاج النبوة المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 333