اسم الکتاب : عمر بن عبد العزيز معالم التجديد والإصلاح الراشدي على منهاج النبوة المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 323
أحداً منهم تلبية طلبات الخليفة أو أحد أهله شئ مسلم به، ومن ذلك ماحدث عندما أرسلت فاطمة بنت عبد الملك إلى أبن معدي كرب [1]، تطلب عسلاً من عسل سينين أو لبنان، فبعث إليها، وأيم الله لئن عدت لمثلها، لا تعمل لي عملاً أبداً، ولا أنظر إلى وجهك [2].
4 ـ النهي عن الإسراف والتبذير:
فقد إتخذ قرارات تنم على حرص شديد على أموال المسلمين فكان أول إجراء له بعد توليه الخلافة هو إنصرافه عن مظاهر الخلافة، إذ قربت إليه المراكب، فقال ماهذه؟ فقالوا: مراكب لم تركب قط، يركبها الخليفة أول ما يلي فتركها وخرج يلتمس بغلته، وقال: يا مزاحم ـ يعني مولاه ـ ضم هذه إلى بيت مال المسلمين، ونصبت له سرادقات وحجر لم يجلس فيها أحد قط، يجلس فيها الخليفة أول ما يلي، قال يا مزاحم ضم هذه إلى أموال المسلمين، ثم ركب بغلته، وأنصرف إلى الفرش والوطاء الذي لم يجلس عليه أحد قط، يفرش للخلفاء أول مايلون، فجعل يدفع ذلك برجله، حتى يفضي إلى الحصير، ثم قال: يا مزاحم ضم هذه لا موال المسلمين [3]. وأخذ إجراء آخر لمحاربة الإسراف في الدولة، فحين قال له ـ ميمون بن مهران ـ وهما ينظران في أمور الناس: ما بال هذه الطوامير [4] التي تكتب فيها بالقلم الجليل، وتمد فيها وهي من بيت مال المسلمين؟ فكتب إلى العمال أن لا يكتبوا في طومار ولا يمد فيه، قال: فكانت كتبه شبراً أو نحو ذلك [5]. وقد مر معنا كتابه لا بي بكر بن محمد بن حزم الأنصاري والي المدينة في قصة الشموع، وتوجيه عمر له في ذلك وكيف يكتب له عندما قال: إذا جاءك كتابي هذا فأرق القلم، وأجمع الخط واجمع الحوائج الكثيرة في الصحيفة الواحدة، فإنه لا حاجة للمسلمين في فضل قول أضر ببيت مالهم والسلام عليك [6]. ذلك هو شأن عمر في كل أمر يخص مال المسلمين، صغر أو كبر ومع كافة الولاة، فإنه من المسلم به أن عمر لن يكون كذلك مع والي المدينة فحسب [1] لم تمدنا المصادر ما إذا كان عامل لبنان وسينين (سيناء). [2] المعرفة والتاريخ للبسوي (1/ 580) النموذج الإداري صـ317. [3] سيرة عمر لا بن عبد الحكم صـ33. [4] طوامير: جمع طومار وهو الصحيفة، لسان العرب (1/ 503). [5] سيرة عمر لابن الجوزي صـ88. [6] سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم صـ55.
اسم الکتاب : عمر بن عبد العزيز معالم التجديد والإصلاح الراشدي على منهاج النبوة المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 323