اسم الکتاب : عمر بن عبد العزيز معالم التجديد والإصلاح الراشدي على منهاج النبوة المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 31
ذلك، فقال: من أين ذهبنا؟ أو من أشار على أمير المؤمنين بهذا؟ فأخبر أن عمر بن عبد العزيز هو الذي فعل ذلك فقال: هيهات إن كان عمر فلا نقض لأمره. ثم أن الحجّاج أرسل إلى إعرابي حروري ـ من الخوارج ـ جاف من بكر بن وائل، ثم قال له الحجّاج ما تقول في معاوية؟ فنال منه. قال: ما تقول في يزيد؟ فسبه. قال: فما تقول في عبد الملك؟ فظلمه. قال: فما تقول في الوليد؟ فقال: أجورهم حين ولاك وهو يعلم عداءك وظلمك. فسكت الحجّاج وافترصها منه [1]، ثم بعث به إلى الوليد وكتب إليه: أنا أحوط لديني، وأرعى لما استرعيتني واحفظ له من أن أقتل أحداً لم يستوجب ذلك، وقد بعثت إليك ببعض من كنت أقتل على هذا الرأي فشأنك وإياه.
فدخل الحروري على الوليد وعنده أشراف أهل الشام وعمر فيهم فقال له الوليد: ما تقول فيّ؟ قال ظالم جبار. قال: ما تقول في عبد الملك؟ قال: جبار عاتٍ. قال فما تقول في معاوية؟ قال: ظالم. قال الوليد لابن الريان أضرب عنقه فضرب عنقه، ثم قام فدخل منزله وخرج الناس من عنده فقال: يا غلام أردد عليّ عمر، فرده عليه فقال: يا أبا حفص ما تقول بهذا؟ أصبنا أم أخطأنا؟ فقال عمر: ما أصبت بقتله، ولغير ذلك كان أرشد وأصوب، كنت تسجنه حتى يراجع الله عز وجل أو تدركه منيته، فقال الوليد شتمني وشتم عبد الملك وهو حروري أفتستحل ذلك؟ قال لعمري ما استحله، لو كنت سجنته إن بدا لك أو تعفو عنه، فقام الوليد مغضباً، فقال ابن الريان لعمر: يغفر الله لك يا أبا حفص، لقد راددت أمير المؤمنين حتى ظننت أنه سيأمرني بضرب عنقك [2]، وهكذا احتار الحجّاج على الوليد ليصرفه على الأخذ برأي عمر في الحد من سرف الحجّاج وأمثاله في القتل [3].
8 ـ رأي عمر بن عبد العزيز في التعامل مع الخوارج:
فبالإضافة إلى الموقف الذي مرّ ذكره آنفاً ـ في شأن الحروري الذي بعث به الحجّاج ـ وردت روايات توضح الموقف نفسه فعن ابن شهاب أن عمر بن عبد [1] افترصها: انتهزها. [2] سيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم صـ119 ـ 121 أثر العلماء في الحياة السياسية 164. [3] أثر العلماء في الحياة السياسية صـ164.
اسم الکتاب : عمر بن عبد العزيز معالم التجديد والإصلاح الراشدي على منهاج النبوة المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 31