اسم الکتاب : عمر بن عبد العزيز معالم التجديد والإصلاح الراشدي على منهاج النبوة المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 247
عنده، وأنصارك عليه: فتزود له ولما بعده من الفزع الأكبر واعلم يا أمير المؤمنين، أن لك منزلاً غير منزلك الذي أنت فيه، يطول فيه ثواؤك، ويفارقك أحباؤك، ويُسلمونك في قعره فريداً وحيداً، فتزود له ما يصحبك يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه واذكر، يا أمير المؤمنين، إذا بعثر ما في القبور، وحُصل ما في الصدور، فالأسرار ظاهرة والكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فالآن، يا أمير المؤمنين، وأنت في مهل قبل حلول الأجل، وانقطاع الأمل ـ لا تحكم، يا أمير المؤمنين، في عباد الله بحكم الجاهلين، ولا تسلك بهم سبيل الظالمين ولا تسلط المستكبرين على المستضعفين، فإنهم لا يرقبون في مؤمن إلاّ ([1])،
ولا ذمة فتبوء بأوزارك وأوزار مع أوزارك، وتحمل أثقالك، وأثقالاً مع أثقالك، ولا يغُرنّك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك، ويأكلون الطيبات في دنياهم بإذهاب طيّباتك في آخرتك. لا تنظر إلى قدرتك اليوم، ولكن انظر إلى قدرتك غداً وأنت مأسور في حبائل الموت، وموقوف بين يدي الله في مجمع من الملائكة والنبيين والمرسلين وقد عنت الوجوه للحي القيوم، إني يا أمير، وإن لم أبلغ بعظتي ما بلغه أولو النهى من قبلي، فلم آلك [2] شفقة ونصحك فأنزل كتابي إليك كمداوي حبيبه يسقيه الأدوية الكريهة لما يرجو له من ذلك من العافية والصحة والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته [3]. والمعاني الرئيسية في هذه الرسالة:
أـ أن أهم صفة في الإمام هي العدل ولكنه عدل ممزوج بالرحمة الأبوية.
ب ـ وأن أولى الناس بإتباع حدود الله هو الإمام، لأنه إن لم يتبعها، فأجدر بالرعية ألا يتبعوها.
ج ـ وأن الإمام هو المنفذ للقصاص، فلا يحق له أن يقتل أحداً بغير حق، إن في القصاص حياة، فكيف يقضي على الحياة من وُكل إليه أمر توفير الحياة؟.
ح ـ أن صلاح الرعية بصلاح الإمام وفسادها بفساده، فمسئوليته عن أفعاله هي في الوقت نفسه مسئوليته عن أفعال كل رعيته، فما أعظم مسئوليته إذن. [1] الإل: العهد .. [2] أي لم اقصر. [3] الحسن البصري لابن الجوزي صـ56، العقد الفريد لابن عبد ربه (1/ 12) تاريخ التصوف السني صـ179.
اسم الکتاب : عمر بن عبد العزيز معالم التجديد والإصلاح الراشدي على منهاج النبوة المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 247