responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عمر بن عبد العزيز معالم التجديد والإصلاح الراشدي على منهاج النبوة المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 18
وهم على تلك الحال يبكون فقال: يا أبه، ما يبكيك؟ قال: خير يا بني، ود أبوك أنه لم يعرف الدنيا ولم تعرفه، والله يا بني لقد خشيت أن أهلك والله يا بني لقد خشيت أن أكون من أهل النار [1]. ومعنى الآية: إن الله تعالى يخبر نبيه صلى الله عليه وسلم أنه يعلم جميع أحواله وأحوال أمته وجميع الخلائق في كل ساعة وأوان ولحظة وأنه لا يعزب عن علمه وبصره مثقال ذرة في حقارتها وصغرها في السماوات ولا في الأرض، ولا أصغر منها ولا أكبر إلا في كتاب مبين كقوله: ((وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)) (الأنعام، الآية 59).
فأخبر تعالى أنه يعلم حركة الأشجار وغيرها من الجمادات، وكذلك الدواب السارحة في قوله: ((وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ)) (الأنعام، الآية 38)، وقال تعالى: ((وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا)) (هو، الآية: 6)، وإذا كان هذا علمه بحركات هذه الأشياء فكيف علمه بحركات المكلفين المأمورين بالعبادة؟ كما قال تعالى: ((وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ)) (الشعراء، الآيات: 217، 219)، ولهذا قال تعالى: إذ تأخذون في ذلك الشيء نحن مشاهدون لكم راءون سامعون (2)
ج ـ وعن عبد الأعلى بن أبي عبد الله العنزي قال: رأيت عمر بن عبد العزيز خرج يوم الجمعة في ثياب دسمة ووراءه حبشي يمشي فلما انتهى إلى الناس رجع الحبشي، فكان عمر إذا انتهى إلى الرجلين قال: هكذا رحمكما الله، حتى صعد المنبر، فخطب فقرأ: ((إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ))، فقال: وما شأن الشمس؟ ((وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ))، حتى انتهى إلى ((وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ)) (التكوير: الآيتان: 11، 12) فبكى وبكى أهل المسجد، وارتج المسجد بالبكاء حتى رأيت أن حيطان المسجد تبكي معه [3]. وهذه السورة جاء فيها الأوصاف التي وصف بها يوم القيامة من الأوصاف التي تنزعج لها القلوب، وتشتد من أجلها الكروب، وترتعد الفرائص، وتعم المخاوف، وتحث أولي الألباب للاستعداد لذلك اليوم،

[1] الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا رقم 91.
(2) تفسير ابن كثير.
[3] دموع القراء صـ111، 112.
اسم الکتاب : عمر بن عبد العزيز معالم التجديد والإصلاح الراشدي على منهاج النبوة المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 18
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست