اسم الکتاب : فقه التمكين عند دولة المرابطين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 120
وألذ من طعم الخُضَوع ... على فمى السّمُّ النقيع
أتسلبْ عنى الدُّنا ... ملاكى وتُسلْم القلبَ الضُّلوع
قد رُمتُ يوم نِزالهم ... أن لا تحصِّنُنى الدروع
وبرزت ليس سوى القميـ ... ـص عن الحشى شيء دَفُوع
أجلى تأخَّر, لم يكنْ ... بهواى ذلى والخُضوع
ما سرتُ قطُّ إلى القتال ... وكان فى أملى الرجوع
شيم الأولى أنا منهم ... والأصل تتبعه الفُروعْ (1)
ولما تُوفِّى فى أغمات رثاه الشعراء بقصائد معبرة عن المشاعر الإنسانية الدفينة, وممن رثاه شاعره المخلص أبو بحر عبد الصمد بقصيدة طويلة أجاد فيها، وأولها:
ملك الملوك، أسامع فأنادي ... أم قد عدتك عن السماع عوادي
لما نقلت عن القصور ولم تكن ... فيها كما قد كنت فى الأعياد
أقبلت فى الثرى لك خاضعًا ... وجعلت قبرك موضع الإنشاد (2)
لقد كانت محنة المُعْتَمِد بن عَبَّاد عظيمة، وتعاطف معه كثير من المؤرخين والأدباء والشعراء، واتهموا يوسف بن تاشفين بالقسوة والغلظة وأنَّه صحراوى بدوى نزعت الرحمة من قلبه، واستدلُّوا أنه ذو نزعة توسعية دنيوية، ولذلك أنزل العقوبة المؤلمة على من استطاع من ملوك الأَنْدَلُس وتخلَّص منهم.
والواقع يقول: إن ابن تاشفين لم يطمع فى الأَنْدَلُس، وتردد كثيرًا قبل العبور، وعفَّ عن الغنائم بعد الزِّلاقَة وتركها للمُعْتَمِد ولأمراء الأَنْدَلُس، ولم يأخذ منها شيئًا، وكانت عودته, ثم عاد فى الجواز الثانى بسبب اختلافات ملوك الطوائف الهزلي، وتحالُفِ بعضهم مع ملوك النصارى، ولما اشتد الخطب على أهل الأَنْدَلُس, وأفتى العلماء بخلع ملوك الطوائف حرصًا على سلامة الدِّين والعقيدة؛ قرَّر الأمير يوسف أن يضع حدًا
(1) التاريخ الإسلامي، للذهبي، حوادث ووفيات، مجلد (481 - 490هـ) , ص (271).
(2) وفيات الأعيان (ج5/ 37).
اسم الکتاب : فقه التمكين عند دولة المرابطين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 120