اسم الکتاب : محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث المؤلف : أبو القاسم سعد الله الجزء : 1 صفحة : 91
لها هو ببقاء العرب حيث هم بشرط أن يبقى الفرنسيون حيث هم أيضا.
وبعبارة أخرى كان هذا الشرط تجميدا للأوضاع وأصبح الفرنسيون بمقتضاه محاصرين في مدية الجزائر [1].
قام الآغا محيي الدين بالتزامه خلال سنة 1831 فكان كل من الطرفين ملتزما بحدوده. وكان الآغا يوصي في جميع رسائله التي يوجهها إلى القائد العام بعدم السماح لأي فرنسي أن يذهب أو يتصل بالأهالي، وكان يصر على أن يكون هو الصلة الوحيدة بين العرب والفرنسيين. ويذكر بعض المؤرخين أن مراسلاته القليلة قد أصبحت هي وسيلة الفرنسيين الوحيدة للتعرف على أحوال العرب [2].كان الآغا محيي الدين يمتاز بالحكمة والورع والنظام. وكان العرب في المنطقة يحترمونه لأصله وشخصيته القوية. وكانت سمعته وسلطته ونظامه هي التي استطاعت أن تضع حدا للفوضى ولو إلى حين. وقد عين وعزل بعض رؤساء القبائل. فعين الحاج محمد المخفي على قبائل الخشنة خلفا لابن العمري الذي قتل أثناء الثورة، وأبقى أحمد بن أورشيف على بنى موسى، ومسعود بن عبد الواد على قبيلة السبت، وكلا الرجلين الأخيرين كان قد شارك في الثورة ضد فرنسا. وعين أيضا العربي بن موسى على بني خليل خلفا لمحمد بن الشرقي الذي تخلى عن منصبه بعد عزل حمدان بن أمين السكة من منصبه (أغا العرب).
غير أن تصرفات الآغا محيي الدين المستقلة قد جردت الفرنسيين من أية صلة مع الأهالي وجعلت موقفهم سلبيا. وقد قاد ذلك إلى اتهام الأغا بأنه كان يعمل لحسابه الخاص وأنه كان يتصل بالقبائل لتشجيعها على الثورة ضد فرنسا، وأنه عندما قامت هذه الثورة العامة قد انضم إليها سرا، رغم أنه [1] دي رينو، ص 203. [2] نفس المصدر، ص 203 - 204. عثرنا على بعض هذه المراسلات في الأرشيف الوطني الفرنسي، وسنستعملها إن شاء الله في الجزء الأول من كتابنا (الحركة الوطنية الجزائرية).
اسم الکتاب : محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث المؤلف : أبو القاسم سعد الله الجزء : 1 صفحة : 91