اسم الکتاب : محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث المؤلف : أبو القاسم سعد الله الجزء : 1 صفحة : 86
من أوائل المقاومين ابن زعمون، والواقع أننا لا نعرف عنه إلا أشياء متفرقة غير كاملة لأن تكون صورة واضحة عن حياته وأفكاره. وقد حاول الفرنسيون دفن أخباره إلا ما كان منها مرتبطا بانتصار جيشهم. كان ابن زعمون من قبيلة فليسة وكان قد عزم على منع تقدم الجيش الفرنسي نحو البليدة فجمع عرب المنطقة وعرض عليهم القضية بما في ذلك مشروعا يضمن حريتهم ووجودهم ودينهم في مقابل الاعتراف بالسلطة الفرنسية على مدينة الجزائر. كان ذلك في الشهر الأول من الاحتلال حين علم أن بورمون كان ينوي الزحف على البليدة. لذلك كتب إلى بورمون يطلب منه عدم التقدم إلا بعد توقيع معاهدة مع العرب تنظم العلاقة مع الفرنسيين. ولكن بورمون قرر الذهاب إلى البليدة على أية حال في 20 يولية، عام 1830 على رأس جيش من حوالي 2000 من المشاة، وبعض مئات من الخيالة، وبعض قطع المدفعية [1].
أصبح ابن زعمون صاحب نفوذ كبير في إقليم الجزائر للمقاومة الشديدة التي أبداها في وجه تقدم العدو، وكان تأثيره يزداد يوما. وفي 26 نوفمبر من نفس السنة، أي أثناء إدارةكلوزيل، هاجم ابن زعمون في جيش قوي مدينة البليدة التي ترك فيها الفرنسيون حامية بقيادة العقيد رولير Rulliere.
وقد دخلت قواته المدينة ودارت معركة حامية من شارع إلى شارع ومن دار إلى دار مات في جرائها عدد كبير من الحامية الفرنسية ومن السكان أيضا. وفي 27 من نفس الشهر وصل كلوزيل نفسه مدينة البليدة قادما من حملته الفاشلة على مدينة المدية عاصة إقليم التيطري. وقد وجد كلوزيل مدينة البليدة (مليئة بالجثث) على حد تعبير أحد الكتاب ومن الذين قتلتهم قوات ابن زعمون خمسون فرنسيا كانوا يتولون المدفعية. ويقال إن كلوزيل قد حزن لهم كثيرا وقرر في النهاية سحب القوات الفرنسية الباقية من البليدة [1] أنظر دي رينو، (أخبار الجزائر) ج 1، ص 100 - 101.
اسم الکتاب : محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث المؤلف : أبو القاسم سعد الله الجزء : 1 صفحة : 86