اسم الکتاب : محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث المؤلف : أبو القاسم سعد الله الجزء : 1 صفحة : 156
كانت الجزائر تصدر الصوف والقمح والطيور والأبقار. وكانت تستورد البضائع الكمالية من فرنسا، والمصنوعات الحديدية من إيطاليا، والفخار الملون (النرليج) من تونس وإيطاليا وهولندا، والمواد البحرية من البلاد الاسكندينافية، والرصاص والأقمشة الصوفية من أسبانيا.
ومنذ أواخر القرن الثامن عشر أصبحت دار بكري وبوشناق تسيطر على التجارة الخارجية الجزائرية ولا سيما في مينائي وهران والجزائر , فكانت هذه الدار تتمتع بثقة الحكام العثمانيين وتشرف على ثلثي التجارة الخارجية.
وكان هؤلاء اليهود يتبعون نظاما محكما في الدفع عن طريق التعويض. وتذكر المصادر الفرنسية أن دار بكري وبوشناق قد صدرت سنة 1793 وحدها، أكثر من مائة باخرة قمح من ميناء وهران فقط إلى فرنسا.
غير أنه كان لاستيلاء اليهود والفرنسيين على التجارة الخارجية ومحاولة المسيحيين السيطرة على البحر عواقب وخيمة على الجزائر. ذلك أن القرصنة التي قام بها الطرفان كانت تنتهي بأسر المواطنين من الجانبين. وكان على الجزائر، كما كان على المسيحيين، أن تدفع أمولا طائلة لفدية أسراها.
وقد كان الوسطاء، سواء كانوا مسيحيين أو يهودا، يحصلون على 40 % من المبلغ المعين لفدية الأسرى [1]. وكان الفلاح الجزائري هو الضحية، لأن الباشا يشتري إنتاجه بأرخص الأثمان، ويبيعه بثمن مربح لليهود الذين يبيعونه بثمن عال في مرسيليا، فتكون النتيجة ثراء الباشا واليهود على حساب الفلاح. وعلى أية حال فقد كان دفع الجزية السنوية من الدول الكبرى للجزآئر يشكل مصدرا هاما من مصادر الاقتصاد والدخل المحلي (2) [1] يذكر بعض المؤرخين أن الجزائريين قد التجأوا إلى القرصنة بالضرورة لا بالمهنة: ففرضوا على الدول المسيحية أن تشتري أمنها بدفع جزية سنية إلى الجزائر.
(2) كانت السفن الفرنسية تعامل في الجزائر كما تعامل السفن الجزائرية في فرنسا. أما أسبانيا فقد كانت تعتبر كل ضباط السفن الجزارية مرتدين. أنظر أيضا حول هذا الموضوع العربي الزبيري (التجارة الخارجية للشرق الجزائري)، الجزائر 1974، وكذلك أطروحة ناصر الدين سعيدوني (الجهاز المالي للإيالة الجزائرية)، كلية الآداب، جامعة الجزائر، 1974. وكلا العملين من إشرافي بالكلية المذكورة.
اسم الکتاب : محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث المؤلف : أبو القاسم سعد الله الجزء : 1 صفحة : 156