اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 98
أبي مخنف، والواقدي، وابن أعثم، وغيرها من الأخبار حبكت بطريقة ذات ميول عدائية للتاريخ الصحيح ويشعر أن الصحابة هم الذين كانوا يحركون المؤامرة، ويثيرون الفتنة، فأبي مخنف ذو الميول الشيعية لا يتورع في إتهام عثمان بأنه الخليفة الذي كثرت سقطاته، فاستحق ما استحق، ويظهر طلحة في مروياته كواحد من الثائرين على عثمان، والمؤلبين ضده، ولا تختلف روايات الواقدي عن روايات أبي مخنف، وقد كثرت الروايات الشيعية التي تتهم الصحابة بالتآمر ضد عثمان رضي الله عنه وأنهم هم الذين حركوا الفتنة، وأثاروا الناس، وهذا كله كذب وزور [1]، وخلافاً للروايات الموضوعة والضعيفة فقد حفظت لنا كتب المحدثين بحمد الله، الروايات الصحيحة التي يظهر فيها الصحابة من المؤازرين لعثمان والمنافحين عنه والمتبرأين من قتله [2]، والمطالبين بدمه بعد مقتله وبذلك يستبعد أي اشتراك لهم في تحريك الفتنة، أو إثارتها [3].
إن الصحابة جميعاً رضي الله عنهم أبرياء من دم عثمان رضي الله عنه ومن قال خلاف ذلك، فكلامه باطل ولا يستطيع أن يقيم عليه أي دليل ينهض إلى مرتبة الصحة، ولذلك أخرج خليفة في تاريخه عن عبد الأعلى بن الهيثم، عن أبيه، قال: قلت للحسن: أكان فيمن قتل عثمان أحد من المهاجرين، والأنصار؟ قال: لا، كانوا أعلاجاً [4] من أهل مصر. وقال الإمام النَّووي: ولم يشارك في قتله أحد من الصحابة، وإنما قتله همج، ورعاع من غوغاء القبائل سفلة الأطراف والأراذل، تحزَّبوا، وقصدوه من مصر، فعجزت الصحابة الحاضرون عن دفعهم، فحضروه حتَّى قتل، رضي الله عنه [5]، وقد وصفهم الزبير رضي الله عنه بأنهم غوغاء من الأمصار ووصفتهم السيدة عائشة بأنَّهم نزّاع القبائل [6]، ووصفهم ابن تيمية بأنهم خوارج مفسدون ضالون، باغون
معتدون [7]، ووصفهم الذهبيُّ بأنهم رؤوس شرًٍّ، وجفاء [8]، ووصفهم ابن العماد الحنبلي في الشذرات بأنَّهم أراذل من [1] تحقيق مواقف الصحابة (20/ 14 إلى 18). [2] خامس الخلفاء الراشدين الحسن بن علي للصَّلاَّبيِّ صـ 122. [3] تحقيق مواقف الصحابة (20/ 14 إلى 18). [4] العلج: كل جاف شديد من الرِّجال: عثمان بن عفان للصَّلاَّبيِّ صـ 450. [5] شهيد الدار عثمان بن عفان صـ 148. [6] شرح النووي على صحيح مسلم (15/ 148). [7] منهاج السنة (2/ 189 ـ 206). [8] دول الإسلام للذهبي (1/ 12).
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 98