اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 88
حسن ما قدرتم، وتعظوهم في لينٍ، ولطف في شيءٍ إن كان معهم، قال صعصعة: فإنا نأمرك أن تعتزل عملك فإنَّ من المسلمين من هو أحقُّ به منك. قال معاوية: من هو؟ قالوا: من كان أبوه أحسن قِدْماً من أبيك، وهو بنفسه أحسن قِدْماً منك في الإسلام، قال معاوية والله إن لي في الإسلام قِدْماً، ولغيري كان أحسن قِدماً منَّي،، ولكنَّه ليس في زماني أحدُ أقوى على ما أنا فيه منّي، ولقد رأى ذلك عمر بن الخطَّاب، فلو كان غيري أقوى منَّي، لم يكن لي عند عمر هوادة، ولا لغيري، ولم أحدث من الحدث ما ينبغي لي أن أعتزل عملي، ولو رأى ذلك أمير المؤمنين، وجماعة المسلمين، لكتب بخطِّ يده، فاعتزلت عمله، ولو قضي الله أن يفعل ذلك، لرجوت أن يعزم له على ذلك إلا هو خير. فمهلاً فإنَّ في ذلك وأشباهه ما يتمنَّى الشيطان، ويأمر، ولعمري لو كانت الأمور تُقضى على رأيكم، وأمانيِّكم ما استقامت الأمور لأهل الإسلام يوماً ولا ليلة، ولكنَّ الله يقضيها، ويدبِّرها وهو بالغ أمره، فعاوِدوا الخير، وقولوه. قالوا: لست لذلك أهلاً.
قال معاوية: أما والله إنَّ لله سطوات، ونقمات، وإنِّي لخائف عليكم أن تتابعوا في مطاوعة الشَّيطان حتَّى تُحَّلكم مطاوعة الشَّيطان، ومعصية الرّحمن دار الهوان من نقم الله في عاجل الأمر، والخزي الدّائم في الآجل فوثبوا عليه، فأخذوا بلحيته، ورأسه، فقال: مه! إن هذه ليست بأرض الكوفة، والله لو رأى أهل الشّام ما صنعتم بي وأنا إمامهم ما ملكت أن أنهاهم عنكم حتى يقتلوكم، فلعمري إنَّ صنيعكم ليشبه بعضه بعضاً، ثم قام من عندهم: فقال: والله لا أدخل عليكم مدخلاً ما بقيت [1]، هذه المحاولة الأخيرة التي بذل فيها معاوية أمير الشَّام كلَّ جهده واستعمل حلمه، وثقافته، وأعصابه كي يثنيهم عن الفتنة، إنَّه يدعوهم إلى تقوى الله، وطاعته، والاستمساك بالجماعة، والابتعاد عن الفرقة، وإذ بهم يرفعون عقيرتهم قائلين: ليس لك أن تطاع في معصية الله [2]. وبحلمه الكبير، وصدره الواسع عاد، فذكَّرهم بأنَّه لا يأمرهم إلا بطاعة الله، وعلى حدَّ زعمهم، فهو يتوب من المعصية، إن وقعت، ثمَّ يعود لدعوتهم إلى الطَّاعة، والجماعة، والابتعاد عن [1] تاريخ الطبري (5/ 330، 331). [2] المصدر السابق نفسه (5/ 330).
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 88