اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 73
بلغت قمّة فورانها في التمرُّ الذي أدَّى إلى استشهاد عثمان رضي الله عنه [1]، ولما توسَّعت الدولة الإسلامية عبر حركة الفتوح، حصل تغيُّر في تركيبة المجتمع والاختلالات في نسيجه، لأنَّ هذه الدَّولة بتوسُّعها المكانِّي، والبشريِّ، ورثت ما على هذه الرقعة الواسعة من أجناس، وألوان ولغات، وثقافات، وعادات، ونظم، وأفكار،
ومعتقدات، وفنون أدبية، وعمرانية، ومظاهر، وظهرت على سطح هذا النسيج ألوان مضطربة، وخروقات غير منتظمة، كما صيَّرت المجتمع غير متجانس في نسيجه التَّركيبيِّ، وبالذات في الأمصار الكبرى المؤثِّرة: البصرة، الكوفة، والشّام، ومصر، والمدينة ومكة، فقد كانت الأمصار الكبيرة ربموقعها وأهمينهار تدفع لجيش الفتوح، وتستقيلها وهي عائدة، وقد نقص عددها بالموت والقتل، وتستقبل بدلا عنهم أو أكثر منهم أعداداً وفيرة من أبناء المناطق المفتوحة، فرس، وترك، وروم، وقبط، وكرد، وبربر، وكان أكثرهم من الفرس، أو النَّصارى العرب، أو غيرهم، أو من اليهود [2]، وأكثر سكان هذه الأمصار، وكان أغلب هؤلاء من القبائل العربَّية من جنوبها، وشمالها، وشرقها، والذين لم يكونوا ـ عادة ـ من الصَّحابة، وبمعنى أدق: ليسوا ممَّن تلقَّوا التَّربية الكافية على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو على أيدي الجيل الأوَّل من الصحابة، إمَّا لانشغالهم بالفتوح، أو لقلة الصحابة، وقد حصلت تغيراتٌ في نسيج المجتمع البشريِّ المكوَّن من الجيل السَّابقين، وسكّان البلاد المفتوحة، والأعراب، ومن سبقت لهم ردَّة، واليهود، والنَّصارى وفي تكوين نسيج المجتمع الثَّقافي، وفي بسطة عيش المجتمع، وفي ظهور لون جديد من الانحرافات،
وفي قبول الشائعات (3)
ث ـ ظهور جيل جديد: فقد حدث في المجتمع تغيُّر أكبر، ذلك: أن جيلا جديداً من الناس ظهر، وأخذ يحتل مكانه في المجتمع وهو غير جيل الصحابة، جيل يعيش في العصر غير الذي كانوا يعيشون فيه، ويتَّصف بما لا يتَّصفون به، فهو جيل [4]، يعتبر في مجموعه أقلَّ من الجيل الأوَّل الذي حمل على كتفه عبء بناء الدّولة، وإقامتها، فقد تمَّيز الجيل الأوَّل من المسلمين بقوَّة الإيمان، والفهم السَّليم [1] الدولة الأموية المفترى عليها عليها صـ 166. [2] دراسات في عهد النبوة ص379
(3) المصدر السابق نفسه ص380 [4] الدولة الأموية، يوسف العش ص132
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 73