اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 500
أخذوا بغير أخلاقهم، وإني لست أخاف من قريش إلا ثلاثة حسين بن علي، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، فأما ابن عمر فرجل قد وقذه الدين، فليس ملتمساً قِبَلك، وأما الحسين بن علي فإنه رجل خفيف، وأرجو أن يكفيه الله بمن قتل أباه، وخذل أخاه، وإن له رحماً ماسّة، وحقاً عظيماً، وقرابة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا أظن أهل العراق تاركيه حتى يخرجوه، فإن قدرت عليه فاصفح عنه، فإني لو أني صاحبه عفوت عنه، وأما ابن الزبير فإنه خَبُّ ضَبُّ، فإذا شخص لك فالبد له، إلا أن يلتمس منك صلحاً، فإن فعل فاقبل، واحقن دماء قومك ما استطعت [1]. تظهر في هذه الوصية كفاية معاوية ودهائه السياسي من خلال تشخيصه لأهمية الأمصار ومدى تأثيرها المستقبلي على أوضاع الدولة الأموية فذكر في وصيته ثلاث أقاليم فقط هي الحجاز والعراق والشام، ذلك أن الأوضاع السياسية خارج دائرة هذه الأقاليم، لم تكن تثير أي هموم جدية لدى معاوية [2].
أـ الحجاز: فالبنسبة للحجاز يوصي معاوية ابنه قائلاً: انظر أهل الحجاز فإنهم أصلك، فأكرم من قدم عليك منهم وتعهد من غاب [3]، ويأتي اهتمام معاوية بالحجاز فضلاً عن كونه محل أهله وعشيرته فهو من الناحية السياسية كان ولوقت قريب مركز الثقل السياسي للدولة الإسلامية ((مقر الخلافة)) ومن الناحية الدينية لم يزل يحتل مركز الصدارة لاحتضانه جل ما تبقى من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبإمكانه تقويض حكم بني أمية فيما لو اجتمعت كلمته وأتيحت الفرصة، له وهو بعد ذلك لايزال المكان الحقيقي للبيعة [4]، والأهم من ذلك كله فإنه يضم عدداً من الشخصيات المعارضة للحكم الأموي، أمثال الحسين بن علي رضي الله عنه، وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وابن عباس رضي الله عنهم جميعاً كما سنرى ذلك في الفقرات اللاحقة من الوصية، ولذلك نرى معاوية يحث يزيد على استخدام مختلف الوسائل لاستقطاب الحجاز بما في ذلك أغداق الأموال [5]، ولهذه الأسباب أيضاً وضع معاوية السلطة في هذا الإقليم تحت مراقبته المباشرة، حيث [1] تاريخ الطبري (6/ 241). [2] الوصية السياسية في العصر العباسي حقي إسماعيل صـ46. [3] تاريخ الطبري (6/ 241). [4] الوصية السياسية في العصر العباسي صـ46. [5] المصدر نفسه صـ46.
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 500