responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 492
الأمر ملياً وقرر أن يسلك مسلكاً آخر يتناسب مع المقام، فرسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الناس وكلهم مقر بأفضلية أبي بكر وأسبقيته عليهم، فاحتمال الخلاف كان نادراً، وخصوصاً أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه الأمة قولاً وفعلاً إلى أن أبي بكر أولى بالأمر من بعده، والصديق لما رشح عمر كان يعلم أن عند الصحابة أجمعين قناعة بأن عمر أقوى وأقدر وأفضل من يحمل المسئولية بعده، فاستخلفه بعد مشاورة كبار الصحابة ولم يخالف رأيه أحد منهم وحصل الاجماع على بيعة عمر [1]، وأما طريقة انتخاب الخليفة الجديد فتعتمد على جعل الشورى في عدد محصور، فقد حصر ستة من صحابة رسول الله كلهم بدريون وكلهم توفي رسول الله عليه وسلم وهو عليهم راضٍ، وكلهم يصلحون لتولي الأمر ولو أنهم يتفاوتون وحدد لهم طريقة الانتخاب ومدته وعدد الأصوات، وأمر مجموعة من جنود الله لمراقبة سير الانتخابات في المجلس ومنع الفوضى بحيث لا يسمحون لأحد يدخل أو يسمع ما يدور في مجلس أهل الحل والعقد [2].
وبهذا يكون أمير المؤمنون أرسى نظاماً صالحاً للشورى لم يسبقه إليه أحد ولا يشك أن أصل
الشورى مقرر في القرآن والسنة القولية والفعلية، وقد عمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ولم يكن عمر مبتدعاً بالنسبة للأصل، ولكن الذي عمله عمر هو تعيين الطريقة التي يختار بها الخليفة وحصر عدد معين جعلها فيهم وهذا لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا الصديق ـ رضي الله عنهم ـ بل أول من فعل ذلك عمر ونعم ما فعل، فقد كانت أفضل الطرق المناسبة لحال الصحابة في ذلك الوقت [3].
وبهذا جعل أمير المؤمنين هيئة سياسيسة عليا وهم أهل الشورى وأناط بهم وحدهم اختيار الخليفة من بينهم، ومن المهم أن نشير إلى أن أحداً من أهل الشورى لم يعارض هذا القرار الذي اتخذه عمر، كما أن أحداً من الصحابة الآخرين لم يثر أي اعتراض عليه، ذلك ما تدل عليه النصوص التي بين أيدينا، فحن لا نعلم: إن اقتراحاً آخر صدر عن أحد من الناس في ذلك، أو أن معارضة ثارت حول أمر عمر خلال السَّاعات الأخيرة من حياته، أو بعد وفاته وإنما رضي الناس كافة هذا التدابير، ورأوا فيه مصلحة لجماعة المسلمين، وفي وسعنا أن نقول: إنَّ عمر

[1] أوليات الفاروق صـ122.
[2] أوليات الفاروق صـ122.
[3] المصد نفسه صـ 127
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 492
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست