اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 469
ثانياً: الخطوات التي اتبعها معاوية لبيعة يزيد:
1 ـ المشاورات: لم نعثر في المصادر التاريخية على تحديد دقيق لتلك الفترة التي بدأ فيها معاوية رضي الله عنه يفكر تفكيراً جدياً في تولية ولده يزيد من بعده خليفة المسلمين. ولكنه بالتأكيد لم يفكر إلا بعد سنه الخمسين من الهجرة، وذلك بعد أن خلت الساحة من وجود الصحابة الكبار المبشرين بالجنة من أمثال سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن يزيد بن عمرو، وبعد وفاة الحسن بن علي رضي الله عنهم جميعاً، وبعد أن عرف يزيد عند قيادته لجيش المسلمين الذي حاصر القسطنطينية، وبعدها أصبح معاوية يهيء الأمور لترشيح يزيد للخلافة، وكان من الطبيعي يستشير زياد بن أبيه بعدما أصبح أخاً له، وصار يقال له: زياد بن أبي سفيان، وولاه العراق، ولنسمع إلى رواية الطبري لهذه الاستشارة، وماذا صنع زياد [1]، قال الطبري: لما أراد معاوية أن يبايع ليزيد، كتب إلى زياد يستشيره، فبعث زياد إلى عبيد بن كعب النميري، فقال إن لكل مستشير ثقة، ولكل سر مستودع وإن الناس قد أبدعت [2] بهم خصلتان: إذاعة السر، وإخراج النصيحة إلى غير أهلها وليس موضع السر إلا أحد رجلين: رجل آخره يرجو ثواباً ورجل دينا له شرف في نفسه، وعقل يصون حسبه، وقد عجمتهما [3] منك، فأحمدت الذي قبلك. وقد دعوتك لأمر
اتهمت عليه بطون الكتب [4]: إن أمير المؤمنين كتب إليّ يزعم أنه قد عزم على بيعة يزيد، وهو يتخوّف نفرة الناس ويرجو مطابقتهم، ويستشيرني. وعلاقة أمر الإسلام، وضمانه عظيم، ويزيد صاحب رَسْلة [5]، وتهاون، مع ما قد أولع به من الصيد، فالق أمير المؤمنين مؤدياً عني، فأخبره عن فعلات يزيد، فقال له: رويدك بالأمر فأقمن أن يتم لك ما تريد، ولا تعجل فإن دركاً في تأخير خير من تعجيل عاقبته الفَوْت.
فقال عبيد له: أفلا غير هذا قال: ما هو؟ قال: لا تفسد على معاوية رأيه، ولا تمقِّت إليه ابنه، وألقى أنا يزيد سراً من معاوية فأخبره عنك أن أمير المؤمنين كتب إليك يستشيرك في بيعته، وأنك تخوَّفُ [1] نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي (1/ 189). [2] أي: أضربهم. [3] أي: خبرتهما. [4] أي خائف من ذيوعه إذا هو كتبه. [5] الرسة: الكسل.
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 469