اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 431
ولكنهم ثبتوا ثبات الأبطال حتى استشهدوا جميعاً في بلاد ((تهوذة)) من أرض الزاب ويَذكر المؤرخون أن قبور هؤلاء الشهداء معروفة في ذلك المكان وأن المسلمين يزورونها [1]. وهكذا تحقق أمل عقبة في أبو المهاجر ونالا الشهادة في سبيل الله بعد ما قاموا بالواجب الذي عليهم، واستقبلوا الشهادة في سبيل الله بنفس راضية مطمئنة إلى حسن ثواب ربها، وقد استطاع عقبة أن يشق بجهاده للإسلام طريقه في هذا الجزء من العالم الذي سار فيه خلفاؤه من بعده، زهير بن قيس البلوي، وحسان بن النعمان الغساني، وموسى بن نصير، فقد حقق أهدافه من التمهيد لنشر الإسلام والجهاد في سبيل الله [2]، ولقد كان استشهاد عقبة بن نافع ومن معه في عام ثلاثة وستين للهجرة وعمره آنذاك في حدود أربع وستين سنة، وبهذا ندرك مبلغ القوة التي كان يتمتع بها أسلافنا حيث قام بتلك الرحلة الشاقة وخاض المعارك الهائلة وقد جاوز الستين من عمره وهكذا استشهد هذا القائد العظيم بعد جهاد دام أكثر من أربعين عاماً قضاها في فتوح شمال أفريقيا، ابتداء بمصر وإنتهاء بالمغرب الأقصى (3)
3 ـ أثر معركة تهوذة على المسلمين 63 هـ:
كانت معركة تهوذة مصيبة على المسلمين، فقد استشهد القائد المجاهد عقبة بن نافع وصحبه وكان لاستشهاده وقع أليم على المسلمين، وانتابتهم حالة من الهلع والفزع، فمع أن العدد الذي استشهد مع عقبة كان قليلاً ـ قيل حوالي ثلثمائة جندي ـ وأن معظم الجيش كان قد سار متقدماً ونجا من المعركة، وكان من الممكن أن يتماسك هذا الجيش ويقاوم، حتى يحتفظ
بوجوده في القيروان، إلا أن الحالة النفسية للجنود لم تسمح بذلك، وقد حاول زهير بن قيس البلوي خليفة عقبة على القيروان أن ينفخ في الجنود روح المقاومة والتصدي لكسيلة عندما زحف على القيروان، وهتف قائلاً: يا معشر المسلمين إن أصحابكم قد دخلوا الجنة، وقدمنّ الله عليهم بالشهادة، فاسلكوا سبيلهم، أو يفتح الله عليكم دون ذلك [4]، ولكن صيحة زهيرة هذه لم تجد استجابة، بل لقيت معارضة وتثبيطاً، حيث تصدى له [1] التاريخ الإسلامي (13/ 264)، البيان المغرب (1/ 28). [2] العالم الإسلامي في العصر الأموي صـ284، 285.
(3) التاريخ الإسلامي (13/ 265). [4] البيان المغرب (1/ 31).
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 431