اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 428
ففعلوا، فقال: اللهم لم أخرج بطراً ولا أشراً وإنك لتعلم أنما نطلب السبب الذي طلبه عبدك ذو القرنين وهو أن تُعبد ولا يُشرك بك شيء، اللهم إنا معاندون لدين الكفر، ومدافعون عن دين الإسلام، فكن لنا ولا تكن علينا يا ذا الجلال والإكرام، ثم انصرف راجعاً [1]. وندرك من قوله المذكور مدى حبه للجهاد وشعوره بالمسئولية الكبرى التي حملها على عاتقه نحو تبليغ الإسلام وتقوية دولته والقضاء على دول الكفر التي حجبت نور الإسلام عن شعوبها، فهو يقف على البحر المحيط ويعلم آنذاك أنه نهاية المعمور من الأرض من ناحية المغرب، ثم نجده يُشهد الله تعالى على أنه قد بلغ المجهود الذي تحت مقدرته، وهذه الشهادة
تشعرنا بمدى ارتباط عقبة بالله تعالى، وأنه لم يكن يسير خطوة إلا وهو يستلهم التوفيق منه جل وعلا ويطلب رضوانه، وهذا الكلام يدل على وضوح الهدف من الجهاد عند عقبة حيث بيّن أن الحد الذي يقف عنده الجهاد، أن يزول الشرك من الأرض، وأن لا يعبد إلا الله وحده، ومادام الشرك قائماً فإن الجهاد لا بد أن يكون موجوداً، فالجهاد أذن هو جهاد الدعوة إلى الله تعالى، وذلك بإزالة الطغيان البشري وإخضاع دول العالم لحكم الإسلام لكي يكون فهم الإسلام واعتناقه متيسراً لكل الناس [2]. ولم يقف عمل عقبة على الجهاد بل رافق ذلك بناء المساجد مثل مسجد درعة ومسجد ماسة بالسوس الأقصى ([3])،
كما كان يترك نفراً من أصحابه يعلمون الناس القرآن وشرائع الإسلام، ومن هؤلاء شاكر الذي بنى رباطاً ما بين بلدتي مراكش وموجادور ولا زال موقعه باقياً إلى اليوم وهو المعروف عند العامة بالمغرب الأقصى بسيدي شاكر [4]، ويظهر أن أغلبية بربر المغرب الأقصى أسلموا على يده طوعاً مثل صنهاجة وهسكورة وجزولة [5]، كما أخضع المصامدة، وحملهم على طاعة الإسلام [6]، وكي يأمن القبائل الكثيرة من الانتقاض عليه، كان عقبة يأخذ منها رهائن ويولي عليها رجلاً منها مثلما فعل مع مصمودة فقد ترك عليها أبا [1] الكامل في التاريخ (2/ 590)، البيان المغرب (1/ 23ـ27). قادة الفتح المغرب العربي (1/ 108ـ120). [2] التاريخ الإسلامي (13/ 262). [3] رياض النفوس (1/ 26)، الإسلام والتعريب (1/ 133) .. [4] البيان المغرب (1/ 27). [5] الإسلام والتعريب في الشمال الإفريقي (1/ 133). [6] تاريخ ابن خلدون (6/ 108).
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 428