اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 409
فبعث ملك الروم إلى إفريقية بطريقاً يقال له: نقفورا في ثلاثين ألف مقاتل، فنزل الساحل، فأخرج إليه معاوية بن حديج عبد الله بن الزبير في خيل كثيفة، فسار حتى نزل على شرف عال ينظر منه إلى البحر بينه وبين مدينة سوسة ([1])،
اثنا عشر ميلاً، فلما بلغ ذلك نقفوراً أقلع من في البحر منهزماً من غير قتال، ورجع بن الزبير إلى معاوية بن حديج وهو بجبل القرن، ثم وجه ابن حديج عبد الملك بن مروان في ألف فارس إلى مدينة جلولاء [2] فحاصرها وقتل من أهلها عدداً كثيراً حتى فتحها عنوة، وأغزى معاوية بن حديج جيشاً في البحر إلى صقلية في مائتي مركب، فسبوا وغنموا وأقاموا شهراً، ثم انصرفوا إلى إفريقيا بغنائم كثيرة [3]، وبعد هذه الفتوح عاد معاوية بن حديج إلى مصر دون أن يترك قائداً أو عاملاً، ويفهم من هذا التصرف ومن سلوك معاوية بن حديج أثناء هذه الغزوة أن البربر أهل البلاد كانوا قد
أصبحوا حلفاء للمسلمين على الروم، وأن المسلمين كانوا يكتفون إلى ذلك الحين بإبعاد الخطر الرومي من هذه الناحية [4] وعندما استعاد معاوية بن حديج طرابلس الغرب ترك فيها رويفع بن ثابت الأنصاري والياً عليها سنة 46 هـ فغزا منها إفريقيا ((تونس)) ودخلها سنة 47 هـ، وفتح جزيرة جربة التي كان يسكنها البربر ([5])،
وقد تحدثت المراجع عن كثرة السبايا في هذه الغزوة وقام رويفع بن ثابت الأنصاري بتذكير المسلمين في هذه بأحكام وطء السبايا، حيث قال: أما أني لا أقول لكم إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم حنين: لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماءه زرع غيره [6]، ولا يحل لامرئ يؤمن [1] سوسة مدينة صغيرة بنواحي إفريقيا، بينها وبين القيروان ستة وثلاثين ميلاً ويحيط بها البحر من ثلاث جهات من الشمال والجنوب والشرق، معجم البلدان (3/ 282) .. [2] هنالك مدينتان تحملان هذا الاسم، إحداهما بفارس، بينها وبين خانقين سبعة فراسخ، وهي على طريق خراسان، وبها كانت الوقعة المشهورة بين المسلمين والفرس سنة 16 هـ، وهذه التي بإفريقيا بينها وبين القيروان أربعة وعشرون ميلاً ـ ياقوت الحموي معجم البلدان (2/ 156). [3] البيان المغرب لابن عذاري (1/ 16ـ17)، الشرف والتسامي بحركة الفتح الإسلامي صـ209، حركة الفتح الإسلامي في القرن الأول، شكري فيصل صـ161. [4] تاريخ المغرب وحضارته، حسين مؤنس (1/ 85). [5] صفحات من تاريخ ليبيا والشمال الإفريقي للصّلابيّ صـ332 .. [6] زرع غيره: أي محل زرع لغيره، يعني اتيان الحبالى.
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 409