اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 400
سراً خفياً، لا يعرفه إلا المتخصصون في صناعته، وكان الأباطرة يمدون حلفاءهم بهذا السلاح دون أن يطلعوهم على سره،، ومرت أربعة قرون، وهو سلاح غامض لم يعرف كنهه سوى مخترعه، وفي القرن العاشر المسيحي، الرابع الهجري، عرف الباحثون سر هذه النار، وبينوا العناصر التي تكونت منها، والوسائل التي يمكن إخمادها بها، وتطور هذا السلاح حتى كان منه ما يشبه المفرقعات، وكانت تلقى على الأعداء بواسطة المجانيق، أو أنابيب نحاسية تقذف من السفن، وكان لها صوت مدو يصحبه دخان كثيف مسبوق بلهب خاطف، وشغل هذا الاختراع عقول العلماء المسلمين، فراحوا يبحثون ويفكرون، حتى عرفوا سره في مطلع القرن الحادي عشر المسيحي، الخامس الهجري، وأدخلوا عليه تعديلات جعلته أشد فتكاً، وأقوى أشراً من النار الأغريقية واستخدم المسلمون هذا السلاح الفتاك في حروبهم مع الصليبيين بأرض الشام، وكان وقعه شديداً على الصليبيين، ونشر فيهم الرعب والفزع، ومن ذلك الحين عرفت هذه النار ((بالنار (1)
الإسلامية))، يقول الدكتور إبراهيم العدوي: لأن الأعداء عجزوا عن معرفة هذا السلاح الجديد الذي احتضنه المسلمون، وظل استخدام النار الإسلامية سائد حتى القرن الرابع عشر المسيحي، الثامن الهجري حيث دخلت عليها تطورات وتعديلات كثيرة، أدت أخيراً إلى صناعة البارود. ومن ثم تعتبر النار الإسلامية أساس هذا الانقلاب الخطير في أساليب الحرب التي عرفها العالم الحديث وبرهن المسلمون على أنهم لا يقفون مكتوفي الأيدي أمام أي سلاح جديد يفاجئهم به الأعداء،
وأنهم قادرون على استغلاله فيما بعد لما فيه صالحهم ونفعهم [2]. ونسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين لا يجاد حل للتفوق العسكري الأمريكي والغربي عليهم.
2 ـ السلسلة الحديدية الضخمة، الحاجزة ما بين القرن الذهبي ميناء القسطنطينية وبين الشاطئ الآسيوي، حيث كان يتم إقفالها في حالات الحرب أو التهديد بالحصار [3].
3 ـ الموقع الجغرافي في الفريد الذي وصفه المؤرخ بينز بأنه ((استقر على شبه الجزيرة البارز من أوروبة، والذي يكاد يلاقي الشاطئ الآسيوي وفي وسط الطريق بين الحدود الشمالية والشرقية في بقعة يحميها مدّ مرمرة العنيف من الهجمات البحرية.
(1) الأمويون (1/ 65) محمد سيد الوكيل .. [2] الأمويون والبيزنطيون صـ178. [3] من دولة عمر إلى دولة عبد الملك صـ167.
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 400