اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 388
المسلمين [1]، فالجهاد في سبيل الله أصل في حياة المسلمين في عهد الدولة الأموية، ولم تكن الغنائم هي الدافع للقيادة الإسلامية الرئيسي نحو الفتح والجهاد، وإن وجد لدى بعض الأفراد وهؤلاء لا يخلو منهم جيش حتى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ((منكم من يريد الدنيا ... )) وغيرها ولكن هذا بالطبع لا يمثل وجهة نظر المسلمين في فتوحاتهم، ولا يمثل القيادة الفكرية التي كان يتبناها الخليفة والقادة وينفذها الجند، كما أنه لا يمثل وجهة نظر الأمة ورأيها العام [2]، ومما يدل على ذلك مشاركة كبار الصحابة في ذلك الوقت فيها وحثهم المسلمين على الجهاد في سبيل الله، وحوادث الجهاد وجهود الأمويين على جبهات القتال توضح ذلك: فجبهة الروم مثلاً وهي التي كانت مثار الشجاعة ومرتع البطولة ما كانت تدر الربح الكثير بل كان بيت المال يئن منها، لأن حملاتها ما كانت تنتهي إلى تقدم [3]، خاصة إذا ذكرنا الحملات الثلاثة الكبرى التي توجهت إلى القسطنطينية وتكلفت نفقات باهظة [4].
لقد أعطى المجاهدون المسلمون في العهد الأموي صوراً رائعة للتضحية والبطولة والتجرد وإخلاص النية لله في جهادهم، سواء كانوا من القادة أو الأمراء أو من عامة الجند، أو من جماعات العلماء والزاهدين والربانيين الذين فهموا عبادة الجهاد، ومارسوا ذلك على نحو مثير للإعجاب ودافع إلى التأسي، وقد توزعت صور الإخلاص والتضحية هذه على جميع جبهات القتال، وفي جميع مراحل الجهاد، مما يدل دلالة واضحة على عمق التوجه الإسلامي للفتوحات في العهد الأموي، وينفي الغبش الذي يثيره المنحرفون عن بني أمية على
أنصع منجزاتهم وأحراها بالفخر والإعزاز، ومما شك فيه إسلامية الفتوح في العهد الأموي [5]، وقد كانت الحصيلة النهائية والحصيلة التاريخية لحركة الفتوح لذلك العصر، امتداد عالم الإسلام إلى آفاق بعيدة وكسب ـ عبر امتداده هذا ـ الأرض والإنسان، كما أنه حمى وعزّز في الوقت نفسه منجزات الموجة الأولى في حركة الفتح التي قادها وخطط لها الخلفاء الراشدون، فالموجة الثانية لحركة الفتوح هي التي بدأت في عهد معاوية نفسه واستمرت فيما بعد لكي تبلغ أقصى اتساعها في عهد الوليد [6]. [1] الدولة الأموية حمدي شاهين صـ239. [2] الفتوحات بين دوافعها الإسلامية ودعاوي المستشرقين صـ78. [3] الدولة الأموية، يوسف العشي صـ346. [4] المصدر نفسه. [5] الدولة الأموية المفترى عليها صـ [6] في التأصيل الإسلامي للتاريخ صـ92،93 عماد الدين خليل.
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 388