اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 364
جـ ـ حلمه وعفوه:
كانت عند أبي هريرة زنجية قد غمتهم بعملها، فرفع يوماً السوط ثم قال: لولا القصاص يوم القيامة لأغشينك به، ولكن سأبيعك ممن يوفيني ثمنك أحوج ما أكون إليه، أذهبي فأنت حرة لله عز وجل [1]، وهكذا يوازن أبو هريرة رضي الله عنه بين قدرته على تلك الخادمة وقدرة الله تعالى عليه، فيفضل اتقاء سخط الله سبحانه وتعالي وعذابه على تنفيذ مقتضى سخطه هو، فيتورع عن عقوبة تلك الخادمة ويحسن إليها بدلاً من إساءتها بإعتاقها لوجه الله عز وجل، وبهذا
يكون قد جمع بين عدد من الأعمال الصالحة، .. خشية الله تعالى، والعفو عن المسيء، والإحسان إليه، وهذا يبين لنا عمق تصور الصحابة رضي الله عنهم للحياة الآخرة واستحضارهم رقابة الله تعالى وسعيهم الحثيث لبلوغ رضاه [2].
ح ـ ولايته على البحرين في عهد عمر رضي الله عنه:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرسل أبا هريرة مع العلاء الحضرمي إلى البحرين، لينشر الإسلام، ويفقه المسلمين، ويعلمهم أمور دينهم، فحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفتى الناس، وفي عهد عمر رضي الله عنه استعمله على البحرين فقدم بعشرة آلاف، فقال له عمر: استأثرت بهذه الأموال يا عدو الله وعدو كتابه؟ فقال أبو هريرة: لست بعدو الله وعدو كتابه، ولكني عدو من عاداهما، قال: فمن أين هي لك؟ قال: خيل نتجت، وغلة رقيق لي، وأعطية تتابعت عليّ. فنظروا فوجدوا كما قال [3]، وقد قاسمه عمر رضي الله عنه مع جملة من قاسمهم من العمال، وكان أبو هريرة يقول: اللَّهم اغفر لأمير المؤمنين [4]، وبعد ذلك دعاه عمر ليوليه، فأبى، فقال: تكره العمل وقد طلب العمل من كان خير منك، يوسف عليه السلام، فقال: يوسف نبي ابن نبي، وأنا أبو هريرة ابن أميمة وأخشى عملكم ثلاثاً واثنتين، فقال: فهل قلت خمساً، قال: لا. أخاف أن أقول بغير علم وأقضي بغير حلم، وأن يضرب ظهري، وينزع مالي، ويشتم عرضي [5].
خ ـ اعتزاله الفتن:
كان أبو هريرة يوم حصار عثمان رضي الله عنه عنده في الدار مع بعض الصحابة وأبناءهم، الذين جاءوا ليدفعوا الغوغاء عنه، وقد حفظ ولد [1] البداية والنهاية (11/ 385). [2] التاريخ الإسلامي (17/ 23) للحميدي. [3] البداية والنهاية (11/ 387). [4] طبقات بن سعد (4/ 60)، السنة قبل التدوين صـ416. [5] سير أعلام النبلاء (2/ 441)، السنة قبل التدوين صـ416.
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 364