اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 319
ثالثاً: رزق القضاة: من المعلوم أن عمر بن الخطاب هو الذي فصل القضاء عن الولاية، وهو أول من رتب أرزاق القضاة، وأمَّا أمير المؤمنين علي وهو المعروف بالزهد والقناعة فقد قال لعامله على مصر في شأن القضاة: ... وافسح له في البذل ما يزيل علته وتقل معه حاجته إلى الناس [1]، واستمر الحال على ذلك في العهد الأموي، فكانت تجري على القضاة أرزاقهم من بيت المال [2]، مع التوسع عليهم، واختلاف المقدار بحسب البلدان والظروف [3]، وروى الشعبي عن شريح أنه كان يأخذ على القضاء خمسمائة درهم كل شهر ويقول: استوفي لهم، وأوفيهم ويقول أيضاً: أجلس لهم على القضاء وأحبس نفسي ولا أرزق؟؟ ولما قدم عبد الملك بن مروان النخيلة سنة 72 هـ، وسأل عن شريح، فعلم أنه امتنع عن القضاء في ـ عهده ـ ابن الزبير، فاستدعاه وقال له: وفقك الله، عُدْ إلى قضائك، فقد أمرنا لك بعشرة آلاف درهم، وثلاثمائة جريب، فأخذهما وقضى إلى سنة ثمان وسبعين [4]، وكان بعض القضاة لا يأخذون على القضاء أجراً ويحتسبون أجرهم عند الله تعالى في إقامة شرعه، منهم مسروق بن الأجدع القاضي والمفتي ت 63 هـ وكان أعلم بالفتيا من شريح، وشريح أبصر منه في القضاء، وقالت امرأة مسروق: كان مسروق لا يأخذ على القضاء رزقاً، وقال القاسم: كان مسروق يقول: لأن أقضي يوماً فأقول فيه الحق أحب إلي من أن أرابط سنة في سبيل الله [5]. رابعاً: تسجيل الأحكام والإشهاد عليها:
ظهر في العهد الأموي لأول مرة تسجيل الأحكام القضائية التي يصدرها القاضي في
سجله، وديوان المحكمة ليرجع إليه القاضي عند الحاجة، وأول من سجل الأحكام سُليَم بن عنز التجيبي قاضي مصر في عهد معاوية، لما تخاصم إليه أشخاص في توزيع ميراث، فحكم بينهم، فغابوا مدة، واختلفوا وتناكروا [1] القضاء ونظامه في الكتاب والسنة صـ267. [2] تاريخ القضاء في الإسلام صـ167. [3] المصدر نفسه، 176، 177. [4] أخبار القضاة (2/ 227، 397). [5] طبقات ابن سعد (6/ 82) تاريخ القضاء في الإسلام صـ178.
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 319