اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 216
علماء الأمة وأهل الديانة فيهم، وأن يؤكل إلى هذه الطائفة منهم اختيارالخليفة أو عزله، علاوة على الفصل في المسائل المهمة في حياة الأمة .. ولو حدث ذلك في مسيرة الدولة الأموية لتجنبت الأمة كثيراً من الاختلاف وإراقة الدماء .. ولكن الذي حدث فعلاً هو انفراد أهل الشام باختيار الخلفاء في العصر الأموي من الأسرة الأموية ذاتها، وكانت بداية ذلك هي البيعة ليزيد بن معاوية بولاية العهد من أبيه، وبعد خطوب شتى أصبح تسلسل الخلفاء من البيت الأموي أمراً واقعاً، رضيت بذلك بقية الأمصار أم عارضت [1]. وسيأتي الحديث عن ولاية العهد في حينه بإذن الله تعالى.
خامساً: الشورى في عهد معاوية رضي الله عنه:
عندما آلت الخلافة إلى بني أمية، لم يكن معاوية بن أبي سفيان ممن يجهل فوائد الشورى ويهمل الأخذ بها، وما كان يصد في المهمات إلا عن مشورة، فقد كان يشاور ذوي الرأي من الولاة ووجوه الناس وأشراف القوم وأهل العلم وكان ذلك سنة من جاء بعده من الخلفاء من بني أمية، وكان من كبار مستشاري معاوية رضي الله عنه عمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وكان يستشير الوفود التي كانت تأتيه [2]، وكان الناس يتكلمون بحرية فيعرضون آراءهم، ويهتم الخليفة بها كل الاهتمام، ويناقشهم فيها ويحقق ما يمكن تحقيقه منها والحكم يعتمد على مستشارين أكفاء وكتّاب قادرين، أطلقت يدهم في العمل، ومنحهم الخليفة ثقته، وشدّهم بسلطانه، والحكم لم يكن متمركزاً في شخص الخليفة، فمملكته واسعة ولا يستطيع أن يضطلع بكل أمر، وهو يرسل ولاته على الأقطار ويطلق لهم اليد في شؤونها، وهو لا يولي إلا من يثق به، ولا يعطي السلطان إلا لمن لا يخشاه [3]، وولاته يستشيرهم في حدود معينة. وأما أمر الخلافة فحصر في بني أمية، وأصبح أمرها خاصاً بالبيت الأموي، يفتي فيها بالمجامع الأموية خاصة من دون الناس، وكان الخلفاء من بني أمية يرجعون في شورى استخلاف السلطان ورد الطامعين به إلى الجماعة الأموية [1] الدولة والمجتمع في العصر الأموي صـ128. [2] في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية صـ 55. [3] الدولة الأموية، يوسف العش صـ139.
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 216