اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 189
الحيلة فيه, والتأني له, فتوافقا على أن يدفع للرجل مالا عظيماً, ليبتاع به أنواعاً من الطرف والملح والجهاز من الطيب والجوهر وغير ذلك, وأنشأ له مركبا لا يلحق في جريه سرعة, ولا يدرك في سيره, إنشاءً عجيباً, فسار الرجل حتى أتى مدينة قبرص فاتصل برئيسها وأخبره أن معه حاجه للملك, وأنه يريد التجارة إلى القسطنطينية, قاصداً إلى الملك وخواصه بذلك فروسل (1)
الملك بشأنه, فأذن له, فدخل خليج القسطنطينية, فلما وصلها أهدى للملك وجميع بطارقته, وبايعهم وشاراهم, وقصدهم, إلا ذلك البطريق الذي لطم, القرشي, وتأنى الصوري من الأمور على حسب مارسمها له معاوية, وأقبل الرجل من القسطنطينية إلى الشام, وقد أمره أكثر البطارقة أن يبتاع حوائج ذكروها, وأنواعاً من الأمتعة وصفوها, فلما صار إلى الشام سار إلى معاوية سراً, وذكر له من الأمر ما جرى فابتيع له ما طلب منه وما علم أن رغبتهم فيه وتقدم إليه معاوية فقال: إن ذلك البطريق إذا عدت في كرتك هذه سيعذلك عن تخلفك عن بره, واستعانتك به, فاعتذر إليه ولاطفه بالقول والهدايا, واجعله القيم بآمرك, والتفقد لأحوالك تزداد عندهم, فإذا أتقنت جميع ما أمرتك به, وعلمت ما غرض البطريق وإيش الذي يأمرك بابتياعه فعد به إلينا لتكون الحيلة على حسبه, فلما رجع الصوري إلى القسطنطينية ومعه جميع ما طلب منه والزيادة مما لم يطلب زادت منزلته, وارتفعت أحواله عند الملك والبطارقة وسائر الحاشية, فلما كان في بعض الأيام وهو يريد الدخول إلى الملك, قبض عليه ذلك البطريق في دار الملك, وقال له: ما ذنبي إليك؟ وبم استحق غيري أن تقصده, وتقضي حوائجه وتعرض عني, قال الصوري:
أكثر من ذكرت ابتدأني وأنا رجل غريب, وأرحل إلى هذا البلد كالمتنكر من أسارى المسلمين, وجواسيسهم لئلا يَنِمُّو خبري ويوشوا بأمري إلى المسلمين فيكون في ذلك بواري والآن فإذا قد علمت ميلك إلى فلست أحب أن يعتني بأمري سواك, ولا يقوم بحالى عند الملك وغيره غيرك, فمرني بحوائجك وجميع ما يعرض من أمورك بأرض الإسلام, وأهدى إلى ذلك البطريق هدية حسنة من الزجاج المخروط والطيب والجوهر والطرف والثياب ولم يزل هذا فعله, يتردد من الروم إلى معاوية ومن
(1) الشهب الآمعة ص 487 ..
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 189