اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 178
هو عصر الخلفاء الراشدين وهو عصر الخلافة الخالصة أو الكاملة, والدور الثاني هو عصر الخلفاء الأمويين والعباسيين - ولا يمنع كذلك العثمانيين- وهذا عصر الخلافة المختلطة بالملك أو الملك المختلط بالخلافة: أي الذي يحقق في الوقت مقاصد الخلافة, أما الدور الثالث فهو عصر الملك المحض الذي صار بقصد لذات الملك والأغراض الدنيوية, وانفصل عن حقيقة الخلافة أو معانيها الدينية, فهذا وصف أو تفسير ابن خلدون المؤرخ الفقيه للتطور الذي حدث والأدوار التي مرت بها الخلافة [1].
إن الخلافة الحقيقة أو الكاملة أو خلافة النبوة استمرت ثلاثين عاماً وهو عصر الخلفاء الراشدين ثم تحولت إلى ملك, ولكن لكي نعبر عن الحقيقة يجب أن يراعى هذا التحديد, وهو أن الخلافة لم تنته أو تذهب كلية, وإنما بقيت معانيها أو مقاصدها, وأن التغيير حصل في الأساس التي قامت عليه, أما حقيقتها فقد بقيت, فالتغير إذن لم يكن كليا ولكن جزئياً: أي أن الخلافة في العصر الأول كانت هي الخلافة الكاملة المثالية, ثم نقصت عن المثال من وجه أو بعض الوجوه, لكن معظم عناصره بقيت, فهي خلافة أقل في الرتية أو خلافة مختلطة بالملك [2] , والرأي العام في الإسلام يتمسك بالمثال, أو خلافة النبوة, أو الخلافة الكاملة, وهي تلك التي تقوم على الشورى والاختيار التام من الأمة وأنه إذا كان الظروف الواقعية والعوامل الاجتماعية قد حتمت أو أدت إلى هذا التطور, فإن تحمل ذلك أو قوله لا يكون إلا مؤقتاً أو من باب الضرورة, ولكن لايلزم أن يكون المثل الكامل حاضراً دائماً في فكر الرأي العام, وبمجرد أن تزول تلك العوامل والظروف تجب العودة إلى تحقيق المثل الكامل, ولذا
فإن الكتابات الإسلامية الأصيلة ظلت ملتزمة ومتشبتة بالمثال الكامل ولا تستخلص مبادائها إلا منه وتفرق بين الخلافة وهي الخلافة الحقيقية الشرعية, والخلافة الواقعية التي بعدت قليلاً أو كثيراً عن الحقيقة [3] , وقد ذكر ابن تيمية: أن مصير الأمر - أي الخلافة - إلى الملوك ونوابهم من الولاة والقضاة الأمراء ليس لنقص فيهم فقط, بل لنقص في الراعي والرعية جميعاً, فإنه كما تكونوا يوّل عليكم وقد قال تعالى:" وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ [1] المصدر نفسه ص195. [2] النظريات السياسية ص 196 [3] المصدر نفسه ص 197.
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 178