اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 122
صفين، ليظهروهم بمظهر المتحمس لتلك الحرب ليزرعوا البغضاء في النفوس ويعملوا ما في وسعهم على استمرار الفتنة [1]، إن الدعوة إلى تحكيم كتاب الله دون التأكيد على تسليم قتلة عثمان إلى معاوية وقبول التحكيم دون التأكيد على دخول معاوية في طاعة علي والبيعة له، تطور فرضته أحداث حرب صفين، إذ أن الحرب التي أودت بحياة الكثير من المسلمين، أبرزت اتجاهاً جماعياً رأى أن وقف القتال وحقن الدماء ضرورة تقتضيها حماية شوكة الأمة وصيانة قوتها أمام عدوها، وهو دليل على حيوية الأمة ووعيها وأثرها في إتخاذ القرارات [2].
إن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قبل وقف القتال في صفين ورضي التحكيم وعد ذلك فتحاً ورجع [3] إلى الكوفة، وعلق على التحكيم آمالاً في إزالة الخلاف وجمع الكلمة، ووحدة الصف، وتقوية الدولة، وإعادة حركة الفتوح من جديد. إن وصول الطرفين إلى فكرة التحكيم ساهمت عدة عوامل به للتحكيم منها:
أـ أنه كان آخر محاولة من المحاولات التي بذلت لايقاف الصدام وحقن الدماء سواء تلك المحاولات الجماعية، أم المحاولات الفردية التي بدأت بعد موقعة الجمل ولم تفلح، أما الرسائل التي تبودلت بين الطرفين لتنفيذ وجهات نظر كل منهما، ولم تُجْد هي الأخرى ـ شيئاً وكان آخر تلك المحاولات ما قام به معاوية في أيام اشتداد القتال حيث كتب إلى علي رضي الله عنه يطالبه بتوقف القتال فقال: فإني أحسبك أن لو علمت وعلمنا أن الحرب تبلغ بك ما بلغت لم نجنها على أنفسنا، فإنا إن كنا قد غُلبنا على عقولنا فقد بقي لنا منا ما ينبغي أن نندم على ما مضى ونصلح ما بقي [4].
ب ـ تساقط القتلى وإراقة الدماء الغزيرة ومخافة الفناء، فصارت الدعوة إلى إيقاف الحرب مطلباً يرنو إليه الجميع.
جـ ـ الملل الذي أصاب الناس من طول القتال، حتى وكأنهم على موعد لهذا الصوت الذي نادى بالهدنة والصلح، وكانت أغلبية جيش علي في إتجاه الموادعة [1] الأنصاف فيما وقع في تاريخ العصر الراشدي من الخلاف صـ530. [2] دراسة في تاريخ الخلفاء الأمويين صـ38. [3] المصدر نفسه رقم 2916. [4] الأخبار الطوال للدينوري صـ187، دراسات في عهد النبوة صـ432.
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 122