responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 107
معاوية إذا كان يخفي في نفسه شيئاً آخر لم يعلن عنه، سيكون هذا الموقف بالتالي مغامرة، ولا يمكن أن يقدم عليها إذا كان ذا أطماع (1)
إن معاوية رضي الله عنه كان من كتّاب الوحي، ومن قادة الصحابة، وأكثرهم حلماً، فكيف يعتقد أن يقاتل الخليفة الشرعي ويهرق دماء المسلمين من أجل مُلك زائل؟ وهو القائل: والله لا أخير بين الله وبين غيره إلا اخترت الله على ما سواه [2]، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال فيه: اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به [3]، وقال: اللهم علمه الكتاب وقه العذاب [4]. وأما وجه الخطأ في موقفه من مقتل عثمان رضي الله عنه، فيظهر في رفضه أن يبايع لعلي رضي الله عنه قبل مبادرته إلى الاقتصاص من قتلة عثمان، ويضاف إلى ذلك خوف معاوية على نفسه لمواقفه السابقة من هؤلاء الغوغاء، وحرصهم على قتله بل ويلتمس منه أن يمكنه منهم، أن الطالب للدم لا يصح أن يحكم، بل يدخل في الطاعة ويرفع دعواه إلى الحاكم، ويطلب الحق عنده [5]، وقد اتفق أئمة الفتوى على أنه لا يجوز لأحد أن يقتصّ من أحد ويأخذ حقه دون السلطان، أو من نصبه السلطان لهذا الأمر، لأن ذلك يفضي إلى الفتنة وإشاعة الفوضى [6]. ويمكن القول: إن معاوية رضي الله عنه كان مجتهداً، متأولاً يغلب ظنه أن الحق معه، فقد قام خطيباً في أهل الشام بعد أن جمعهم وذكّرهم أنه ولي عثمان ـ ابن عمه ـ وقد قتل مظلوماً، وقرأ عليهم الآية الكريمة: ((وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا)) (الإسراء، الآية: 33).
ثم قال: أنا أحب أن تعلموني ذات أنفسكم في قتل عثمان، فقام
أهل الشام جميعهم وأجابوا إلى الطلب بدم عثمان، وبايعوه على ذلك، وأعطوه العهود والمواثيق على أن يبذلوا أنفسهم وأموالهم حتى يدركوا ثأرهم أو يفنى الله أرواحهم [7]. وإذا قارنّا بين طلحة والزبير رضي الله عنهما، ومعاوية لاحظنا أنهما أقرب إلى الصواب من معاوية رضي الله عنه ومن معه من أربعة أوجه كان أولها: مبايعتهما

(1) تحقيق مواقف الصحابة (2/ 150).
[2] سير أعلام النبلاء (3/ 151).
[3] صحيح سنن الترمذي للألباني رقم 3018 (3/ 236).
[4] فضائل الصحابة (2/ 319) إسناده حسن.
[5] تحقيق مواقف الصحابة (2/ 151).
[6] تفسير القرطبي (2/ 256).
[7] صفين لابن مزاحم صـ 32، تحقيق مواقف الصحابة (2/ 152).
اسم الکتاب : معاوية بن أبي سفيان المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست