اسم الکتاب : نزهة الأنام فى تاريخ الإسلام المؤلف : ابن دُقْماق، صارم الدين الجزء : 1 صفحة : 264
الثانية أعظم من الأولى، فقتل كتبغا مقدم جيوش التتار وأتى برأسه الى الملك المظفر قطز، وكانت الدائرة على الكفرة [1] ولله الحمد. وأسر المسلمون منهم خلق كثير.
قال القاضي محيي الدين ابن عبد الظاهر [2]: «بلغني ممن كان خلف السلطان الملك المظفر قطز لما رجعت عساكر التتار الثانية، أنه صرخ صرخة عظيمة سمعه معظم عسكره وقال: «وا سلاماه» ثلاث مرات، ثم قال: «يا الله انصر عبدك قطز على هؤلاء التتار ورمى [3] الخوذة من على رأسه وحمل بنفسه حملة الأسود، وأنّ الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري كان في ذلك اليوم من أعظم المجاهدين. ولما تصدق الله سبحانه وتعالى بنصرة دين الإسلام وكسر عساكر التتار ثانيا، ترجل الملك المظفر وباس الأرض شكرا لله تعالى ومرغ خديه على الأرض وصلى ركعتين ثم ركب، وأقبل الجند والأمراء بما معهم من المكاسب [4].
قال الصاحب، صفي الدين يعقوب بن محمد الهمذاني [5]: هذه الحادثة الردية والبلية النازلة والمصيبة العظمى، فلو قال قائل إنه من حين خلق الله آدم (123 ب) وظهرت الخلق والى هذا الزمان وهي سنة ثمان وخمسين وستمائة، لم ينل العالم مثل هذه المصيبة لكان صادقا في قوله، فإنّ التواريخ لم تتضمن بشيء مما يقارب هذه المصيبة [6] ولا ما يدانيها، ومما يذكره المؤرخون عن إسكندر بأنه فتح البلاد في مدة عشرين [7] سنة وكان يدعو الى طاعة الله، وإذا وعد وفى وإذا قال، صدق ومن أعظم ما يذكر في التواريخ ما فعله «بخت نصر» ببني إسرائيل من القتل وتخريب البلاد وتخريب بيت المقدس بالنسبة الى ما خربوه الملاعين من المدن [1] حول كسرة التتار في معركة عين جالوت أنظر: المختصر في أخبار البشر 3/ 205، السلوك ج 1 ق 2، ص 430 - 431، النجوم الزاهرة 7/ 79، ابن العميد في:
B .E .O,T .XV,P .175. [2] هو القاضي ابن عبد الظاهر السعدي المصري مؤلف سيرة الملك الظاهر بيبرس المسماة «الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر»، توفي سنة 692 هـ / 1292 م، اشتهر بعمله في ديوان الإنشاء وبتأليفه سيرة الملك الظاهر بيبرس. أنظر الروض الزاهر ص 9. [3] في الأصل: وارما. [4] في السلوك ج 1 ق 2، 431 ما يشبه ذلك. [5] ربما المقصود به رشيد الدين الهمذاني الوزير الذي كان يهوديا عطارا ثم أسلم، صنف تاريخا عن هولاكو سماه جامع التواريخ وهو ما يعرف بالفارسية غازاني فارس، توفي سنة 718 هـ، انظر كشف الظنون 5/ 821 - 822 ولم نقع في الجزء المنشور من جامع التواريخ وهو عن تاريخ المغول ج 1 مج 2 على مثل هذا القول. بل وجدنا ما يشبه هذا النص عند السيوطي في تاريخ الخلفاء ص 470 - 471. [6] توجد ملاحظة مكتوبة على الهامش الأيسر من صفحة المخطوط تقول: بلى والله يا مولانا جرت مصيبة بمن عندنا هنا وهي مجيء تمرلنك الى البلاد الإسلامية وما اعتمد فيها من الفساد والقتل والنهب والحريق والسبي وكسر البلاد الإسلامية جميعها وخل الأمر أنّه أخرب بلاد الشام خراسان واقليم الروم واقليم الري. . . باقي الجملة غير واضحة. [7] «عشر سنين» في تاريخ الخلفاء ص 471.
اسم الکتاب : نزهة الأنام فى تاريخ الإسلام المؤلف : ابن دُقْماق، صارم الدين الجزء : 1 صفحة : 264