اسم الکتاب : نوادر الخلفاء = إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس المؤلف : الإتليدي الجزء : 1 صفحة : 233
فهي تحكي الهواء لرقتها والياقوت لحمرتها والزنجبيل لحدتها، ووضعت بين أيديهما مع أقداح وأنطال تشاكل ذلك، فقال المأمون: والله! ما رأيت مثل هذا قط.
ثم أخرجت جاريتين عليهما جباب الوشي الكوفي المنسوج بالذهب، وعلى رأسيهما مقانع رشيدية وتيجان من الذهب مكللة بالجوهر، فجلستا وفي حجريهما العيدان المبسوطة الموزونة، فحركتا الأوتار وغنتا بصوت شجي مليح، من أنواع الأغاني وغرائب الأصوات، فقال المأمون: هذه الجنة مما نرى فيها من غرائب الطيب والجوهر.
فقال يحيى: وقد بقي لنا يا أمير المؤمنين، شرط آخر.
فقال: وما هو يا يحيى؟ قال: الصيد، يا أمير المؤمنين.
قال: صدقت يا يحيى، ثم قال: يا حمنة، ما فعل الصيد؟ فقالت: قوما إليه.
فقام المأمون ويحيى حتى دخلا بستاناً لم ير مثله، وقد كانت زينت البستان بأحسن ما تقدر عليه، واتخذت فيه ألوان الطيور من الفاخت والقمري والهزار والطواويس، فكانت الأطيار تغني من رؤوس الأشجار، وتغرد بالسر والإجهار، وقد كانت زينت مائة جارية نواهد أبكار بطرر وشعور وخدود ومباسم ساطعات الأنوار، ترى كل واحدة منهن أبهى من صاحبتها وأحسن، وعليهن من ألوان الثياب ما يعجز عنه الوصف، وفي وسطهن مناطق الذهب الأحمر، وتقدمت إليهن وقالت لهن: إذا رأيتن المأمون ويحيى، تعادين ما بين الأشجار. فلما دخل المأمون ويحيى لابستان، فعلن ما كانت أمرتهن، فتضاعف السرور على المأمون، وأعجب بذلك عجباً شديداً، ثم قال ليحيى: هذا الصيد.
فقال: يا أمير المؤمنين! رأيك؟ فقال المأمون: لو كان لنا كلب لا صطدنا هؤلاء.
فقال يحيى: أنا كلبك، يا أمير المؤمنين.
فعد المأمون ويحيى فاصطادا منهن صبية، فقالت حمنة: سألتك بحق أجدادك إلا ما خليت عن الجواري لا لبخل أبخل بهن عليك، وقد فهمت المعنى فيه.
وقد كانت حمنة تغار على المأمون فخلى عن الجواري، وقال ليحيى: دونك والصيد إذن أنت محل.
فقال يحيى: لو كان لي كلب لاصطدت من هؤلاء.
فقال المأمون: أنا كلبك.
اسم الکتاب : نوادر الخلفاء = إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس المؤلف : الإتليدي الجزء : 1 صفحة : 233