اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 44
وعميت عن النجاة طرقهم ووقعت الفكرة فيما هم عليه قادِمون، وقاموا إلى صلاتهم وودُّوا لو كانوا من الذين هم عليها دائمون، إلى أن أذن الله في الركود وأسعف الهاجدين بالهجود، وأصبح كلُّ يُسَلَّمُ على رفيقه، ويُهنَيهَّ بسلامة طريقه ويرى أنه قد بُعث بعد النفخة وأفاق بعد الصيحة والصرخة وأن الله قد ردّ له الكرة، وأحياه بعد أن كاد يأخذه على غّرة ووردت الأخبار بأنها قد كسَرتِ المراكب في البحار والأشجار في القفِار وأتلفت خلقاً كثيراً من السُّفَّار، ومنهم من فرَّ فلم ينفعه الفرار إلى أن قال: ولا يحسب المجْلِسُ أنَّى أرسلتُ القلم مُحَرَّفا والقول مُجرَّفاً فالأمر أعظم ولكنّ الله سِلَّم ونرجو أن الله قد أيقظنا بما وعظنا ونبَّهنا بما وَلَّهنا، فما من عباده من رأى القيامه عياناً ولم يلتمسِ عليها من بعد ذلك بُرهانا إلا أهل بلدنا، فما قصَّ الأوَّلون مثلها في المثلات، ولا سبقت لها سابقة في المعضلات والحمد لله الذي من فضله أن جعلنا نُخبرُ عنها ولا تُخبُر عنَّا ونسأل الله أن يصرف عنا عارِض الحرص وَالغرور إذا عنَّا [1].
9 - وفاة ملك اليمن سيف الإسلام طغتكين: في عام 593هـ توفي سيف الإسلام أخو السلطان صلاح الدين وكان قد جمع أموالاً جزيلة جّداً وكان يسبك الذًّهب مثل الطواحين ويدَّخره كذلك [2]، وكان ملكاً جواداً ممُدَّحاً وممن مدحه من الشعراء، شرف الدين بن عُنَيْن ومن مدائحه فيه قصيدة منها:
دمشق وبي شوق إليها مبُرَّحُ ... وإن لام واشٍ أو ألَحَّ عذول
ب ... بلاد بها الحصباء دُرٌ وتربها
عبير وأنفاس الشمال شَمُولُ ... تسلل منها ماؤها وهو مطلق
وصَحَّ نسيم الروْضِ وهو عليل
ومنها:
وكيف أخاف الفقَر أو أُحرَمَ الغنى ... ورأىُ ظهير الدين فيَّ جميل
مِنَ القَوْمِ أما أحنفٌ فمُسَفَّهُ ... لديهم وأما حاتم فبخيل
فتى المجِد أما جارُه فممُنعٌ ... عزيزٌ وأما جندُّهُ فذليل [1] البداية والنهاية (16/ 675). [2] المصدر نفسه (16/ 677).
اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 44