اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 343
5 - وفاة الملك الأشرف: عام 635هـ:
صاحب دمشق السلطان الملك الأشرف مظفرّ الدين أبو الفتح موسى شاه أرمن ابن العادل وسمع "الصحيح" في ثمانية أيام من ابن الزبيدي تملك القدس أولاً، ثم أعطاه أبوه حرّان والرُّها وغير ذلك، ثم تملكَّ خِلاط، وتنقلت به الأحوال، ثم تملك دمشق بعد حصار الناَصر بها، فعدل وخفَّف الجَورَ، وأحبته الرَّعية، وكان فيه دين وخوف من الله على لِعبه، وكان جواداً، سمحاً، فارساً شجاعاً لديه فضيلة [1].
أ- حسن خلقه وجميل عشرته: قال ابن واصل: كان ملكاً جواد مفرط السخاء، يطلق الأموال الجليلة، حتى قيل أنه كان يصل إليه الحمل الذي فيه المال المستكثر فيطلقه لأحد الحاضرين عنده ولم نسمع أن أحداً من الملوك والعظماء بعد آل برمك فعل فعله في التوسع في العطاء والكرم ونقل عنه مع ذلك من حسن الخُلق وجميل العشرة لأصحابه مالم ينقل مثله عن أحد من الملوك المتقدمين، فحكي لي بعض من كان يصحبه قال: أهدي إليه يوماً خيار في أول باكورته وأنا عنده، فوضعه بين يديه وشرع في تقشيره واحدة بعد واحدة، وكلما قشر واحدة أكلها حتى أتى على ذلك الخيار الذي أهدى إليه، وكان عدده قليلاً، ثم أمر لمن أتاه بذلك الخيار بخمسمائة درهم فأخذها وانصرف قال: فعجبنا من كونه لم يؤثر أحداً من الحاضرين بشيء منه وكانت عادته، أنه إذا أتُي بشيء أكل بعضه وآثر الحاضرين ببقيته، فلما لم يفعل هذا ذلك اليوم، وخالف عادته تعجبنا منه، فلما فرغ منه قال: هل علمتم ما السبب في أني لم أعطكم من هذا الخيار شيئاً؟ فقلنا: لا فقال: والله ما قشرت منه واحدة إلا ووجدتها مُرّة، فما أمكنني أن أذكر ذلك، ولا أن أرمي منه واحدة لئلاً ينكسر قلب الذي جاء به، فكنت كلما تطعمت بواحدة التزمت أكلها حتى أتيت على الجميع [2]. [1] سير أعلام النبلاء (22/ 123). [2] مفرج الكروب (5/ 140).
اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 343