اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 283
وهذا التنوع في العلوم لدى ابن قدامة كان بسبب عوامل كثيرة، لعلَّ من أبرزها كثرة الشيوخ الذين أخذ عنهم العلم، وقد كان فيهم الفقيه والمحدث والمفسر والمؤرخ واللغوي، كما أن البيئة التي عاش فيه كانت بيئة علمية، ساعدته على تحصيل العلوم المختلفة، فقد عاش معظم حياته في دمشق، وكانت حينذاك زاخرة بالعلماء وطلبة العلم، كما عاش فترة في بغداد حاضرة العلم والعلماء في وقته يضاف إلى ذلك الفترة التي عاش فيها بان قدامة من 541هـ - 620هـ فإنها كانت من أفضل الفترات العلمية في عهد الزنكيين والأيوبيين، أضف إلى ما سبق همة ابن قدامة العالية، وحرصه على طلب العلم وتفانيه في الحصول على الكم الوافر من العلوم المختلفة والعلم الذي اشتهر فيه ابن قدامة أكثر، وبرّز فيه حتى أصبح علماً من أعلامه هو علم الفقه وكتابة "المغني" يكاد يكون فريداً في كتب الفقه الإسلامي، حيث يحمل بين طيّاته من العلم والفقه في الدين، والاستدلال بنصوص الكتاب والسنة وأقوال السلف، والترجيح بين الأدلة ومناقشة الآراء والتوفيق بينها، ما يدل دلالة أكيدة على سعة علم مؤلفه، وبروزه في هذا المجال، حتى قال عنه الشيخ ابن تيميه - رحمه الله - ما دخل الشام بعد الأوزاعي، أفقه من الشيخ الموفق [1] ورغم بروز ابن قدامه في علم الفقه، فإن له كذلك جهود كبيرة، وتصانيف نافعة في علم العقيدة، وعلم الحديث، وغيرها، ولكن هذه الجهود لم تأخذ حقها من البيان كما هو الحال في الفقه [2]، وتعّذر ابن قدامه للتدريس والإفتا، وكانت حلقات تدريسه مشهورة، وبقي زمانا يجلس بعد الجمعة للمناظرة، ويجتمع إليه الفقهاء، وكان لابن قدامه اهتمامات أخرى، ومن ذلك الجانب الأدبي واللغوي وخصوصاً قرض الشعر وله في هذا المجال نظم كثير حسن مثل قوله:
أتفضل يا ابن أحمد والمنايا ... شوارع تَخْتَرمِْنَكَ عن قريب [1] المصدر نفسه. [2] منهج ابن قدامة في تقرير عقيدة السلف ص 38.
اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 283