اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 235
واستطاع الملك الكامل؛ أن ينزل قوات خلف الجيش الصليبي المتقدم، فقطع عليه خط الرجعة وعزله عن دمياط، كما أجهز على سفنه الراسية بين المقدمة والمؤخرة، وحاصره براً وبحراً، ثم أرسل قوة عسكرية عبرت إلى الأراضي التي يعسكر فيها الصليبيون، ففجَّروا سدود المياه، فلم يشعر هؤلاء إلا وقد غرقت أكثر الأرض المحيطة بهم [1]، وهكذا سُدت جميع المنافذ أمام الصليبيين باستثناء جهة واحدة يسلكونها، وهي الشريط الضيق الملاصق للنيل، ويمتد من معسكرهم شمالاً حتى دمياط، وأدرك الكامل محمد ذلك، فأمر بنصب الجسور على النيل عند أشموم طنّاح، فعبرت القوات الإسلامية هذه الجسور وسيطرت على هذا الطريق [2]، الذي كان أمل الصليبيين الوحيد لعودتهم براً إلى دمياط، وهكذا سيطر المسلمون على الموقف وإذ تعذَّر على القوات الصليبية التقدم أو الإنسحاب، أدرك بيلاجيوس أنه ارتكب خطأ عسكرياً بمغادرة دمياط، ولم يبق أمامه للخروج من هذا المأزق سوى الصلح [3] وأحس القادة الصليبيون بخطورة موقفهم فالمياه تمنعهم من القتال والجوع عضهم بنابه، والمسلمون يسيطرون على الموقف سيطرة تامة، واستمرارهم في المعسكر سيؤدي إلى هلاكهم، وسرعان ما أرسل المندوب البابوي بلاجيوس للملك دي برين يدعوه للتشاور وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وعندما اجتمع الإثنان اتفقا على أخذ رأي القادة الصليبيين لعرض الصلح على المسلمين [4]، ومال الكامل محمد إلى قبول عرض الصلح، ولعله كان مدفوعاً بعدة عوامل من أهمها:
- فقد كان يخشى حضور الأمبراطور الألماني فريدريك الثاني على رأس قوته، فينتقم لما حلَّ بالصليبيين ويحتفظ بدمياط [5]. [1] مفرج الكروب (4/ 96). [2] المصدر نفسه (4/ 96) تاريخ الأيوبيين ص 318. [3] تاريخ الأيوبيين ص 318. [4] شذرات الذهب نقلاً عن القدس بين أطماع الصليبيين ص 261. [5] عاشور (2/ 983) تاريخ الأيوبيين ص319.
اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 235