اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 22
وهكذا تكّون حِلْف أيوبي مناهض لحركة التفرد التي قادها العزيز عثمان انطلاقاً من مصر، عندئذ أدرك العزيز عثمان أنه لا قِبَلَ له بمواجهة قوى التحالف فمال إلى التفاهم، واجتمع بعمه العادل في صحراء المزة غربي دمشق في 24 شعبان سنة 590هـ/15 آب عام 1194م، وقد نصحه عمه بالعودة إلى مصر قائلاً له: لا تخرَّب البيت وتُدخل الآفة، والعدوّ وراءنا من كل جانب وقد أخذوا جَبَلة، فارجع إلى مصر واحفظ عهد أبيك، وأيضاً فلا تكسر حرمة دمشق وتطمع فيها كل أحد، وعاد الملك العادل عنه إلى دمشق، وأقام في منزلته، وبعث العادل إلى العزيز في منزلته، وقدمت العساكر على الأفضل وبعث العادل إلى العزيز يقول له: إرْحل إلى مرج الصُّفَّرة، فرحل وهو مريض وكان قصد العادل أن يبُعده عن البلد ... واشتد مرض العزيز فاحتاج إلى المصالحة، ولولا المرض ما صالح، فأرسل الملك العزيز كبراء دولته فخر الدين إياز جَهَاركس وغيره يحلّف الملوك وطلب مصاهرة عمّه العادل فزوَّجه ابنته الخاتون، ورجع كل واحد إلى بلده، وذلك في شعبان سنة تسع وثمانين [1] وقال العماد الكاتب الأصفهاني: خرج الملوك لتوديع الملك العزيز إلى مرج الصُّفَّر واحد بعد واحد وأوّل من خرج إليه أخوه الملك الظاهر غازي صاحب حلب، فبات عنده ليلة وعاد، فخرج إليه أخوه الأفضل صاحب الواقعة، فقام إليه واعتنقا وبكيا، وأقام عنده أيضاً يوماً وكان قد فارقه منذ تسع سنين فلما عاد كتب إلى العزيز من إنشائه من عدة أبيات:
نَظَرْتُك نظرة من بعد تِسِع ... تقضَّت بالتفرُّق من سنين
وغَضَّ الدَّهُر عنها طرفَ غَدْرِ
مسافة قُربِ طَرْفِ من جبين ... وعاد إلى سَجيَّته فأجرىِ
بفرقَتناِ العيون من العيُون ... فويح الدَّهْرِ لم يَسْمَحْ بِوَصْلٍ
يُعيِدُ به الهُجوعَ إلى الجُفُون ... فراقاً ثم يُعقِبهُ بَبيْنٍ
يُعيدُ إلى الحشَا عَدمَ السُّكون ... ولا يُبْدي جيُوشَ القُرب حتى [1] النجوم الزاهرة (6/ 122).
اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 22