اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 104
ب- وفاة الملك الظاهر صاحب حلب: في عام 613هـ هو سلطان حلب، الملك الظاهر، غياث الدين، أبو منصور، غازي ابن السلطان صلاح الدين يوسف ابن أيوب، مولده بمصر في سنة ثمان وستين وخمس مئة وسمع من: أبي الطاهر بن عوف، وعبد الله بن برّيَّ النحويَّ والفضل ابن البانياسي وحدَّث تملك حلب ثلاثين سنة وكان بديع الحسن في صباه، مليح الشكل في رجوليّته، له عقل ودهاء وفكر صائب كان يصادق الملوك الأطراف ويباطنهم ويُوهمهم أنه لولاه، لقصدهم عمه العادل، ويوهم عّمه أنه لولاه، لتعامل عليه الملوك، ولشقُّوا العصا، وكان كريماً معطاءً يتحف الملوك بالهدايا السنيَّة، ويكرم الرُّسُل والشعراء والقُصَّاد وكان عمُّه يرعَى له بمكان بنته، فماتت، فزوجَّه بأختها والدة ابنه الملك العزيز، فلما ولدت زُيَّنت حلب مدة شهرين، وأنفق على ولادته كرائم الأموال وكان قد انضَّم إليه إخوته وأولادهم فزَّوج ذكرانهم بإناثهم، بحيث أنه عقد بينهم في يوم نيفاً وعشرين عقداً وعمّر أسوار حلب أكمل عمارة. وكان مهيباً سائساً، فطناً، دولته معمورة بالعلماء مزينة بالملوك والأمراء وكان محسناً إلى الرعية، وشهد معظم غزوات والده، وكان يزور الصالحين، ويتفقدهم وله ذكاء مفرط وأوصى في موته بالملك لولده من بنت العادل، وأراد أن يُراعيها أخوتُها، ثم من بعده لأحمد، ثم للمنصور محمد ابن أخيه الملك العزيز وفوَّض القلعة إلى طغريل الخادم الروميَّ، توفي سنة ثلاث عشرة وست مئة عن خمس وأربعين سنة وكان في سكرات موته يفيق ويتشهد ويقول: اللهم بك استجير [1] وفي رواية: واشتد مرضه جداً، فذكُر أنه كان يفيق في بعض الأوقات، ويستشهد ويقرأ قوله تعالى: "ما أغني عَني مالية هلك عَنيَّ سُلطانية" ثم يقول اللهم بك أستجير وبرحمتك اثق [2] رحمه الله ورثاه شاعره راجح الحليَّ فقال: [1] سير أعلام النبلاء (21/ 297، 298). [2] مفرج الكروب (3/ 240).
اسم الکتاب : الأيوبيون بعد صلاح الدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 104