اسم الکتاب : شرح طيبة النشر المؤلف : النويري، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 85
والله: اسم للذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد [1]. [1] قال ابن الخطيب- رحمة الله تعالى عليه وقد أطبق جميع الخلق على أن قولنا: «الله» مخصوص بالله تبارك وتعالى، وكذلك قولنا: «الإله» مخصوص به سبحانه وتعالى.
وأما الذين كانوا يطلقون اسم الإله على غير الله- تعالى- فإنما كانوا يذكرونه بالإضافة كما يقال: «إله كذا»، أو ينكرونه كما قال- تبارك وتعالى- عن قوم موسى- عليه السلام-: اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ [الأعراف: 138].
قال ابن الخطيب- رحمه الله تعالى-: «اعلم أن هذا الاسم مخصوص بخواص لا توجد فى سائر أسماء الله تعالى.
فالأولى: أنك إذا حذفت الألف من قولك: «الله» بقى الباقى على صورة «لله»، وهو مختص به سبحانه وتعالى، كما فى قوله تعالى: وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [آل عمران: 189]، وإن حذفت من هذه البقية اللام الأولى بقيت البقية على صورة «له»؛ كما فى قوله تبارك وتعالى:
لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الشورى: 12]، وقوله تعالى: لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ [التغابن:
1]، وإن حذفت اللام الباقية كانت البقية «هو» وهو- أيضا- يدل عليه سبحانه وتعالى؛ كما فى قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص: 1]، وقوله: لا إِلهَ إِلَّا هُوَ [البقرة:
255] والواو زائدة؛ بدليل سقوطها فى التثنية والجمع فإنك تقول: هما، وهم، ولا تبقى الواو فيهما، فهذه الخاصية موجودة فى لفظ «الله» - تعالى- غير موجودة فى سائر الأسماء، وكما حصلت هذه الخاصية بحسب اللفظ فقد حصلت- أيضا- بحسب المعنى، فإنك إذا دعوت الله- تبارك وتعالى- بالرحيم فقد وصفته بالرحمة، وما وصفته بالقهر، وإذا دعوته بالعليم، فقد وصفته بالعلم، وما وصفته بالقدرة.
وأما إذا قلت: «يا الله»، فقد وصفته بجميع الصفات؛ لأن الإله لا يكون إلها إلا إذا كان موصوفا بجميع هذه الصفات، فثبت أن قولنا: «الله» قد حصلت له هذه الخاصية التى لم تحصل لسائر الأسماء.
الخاصية الثانية: أن كلمة الشهادة، هى الكلمة التى بسببها ينتقل الكافر من الكفر إلى الإيمان، ولو لم يكن فيها هذا الاسم، لم يحصل الإيمان، فلو قال الكافر: أشهد أن لا إله إلا الرحيم، أو إلا الملك، أو إلا القدوس، لم يخرج من الكفر، ولم يدخل فى الإسلام.
أما إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فإنه يخرج من الكفر، ويدخل فى الإسلام، وذلك يدل على اختصاص هذا الاسم بهذه الخاصية الشريفة. قال ابن عادل الحنبلى: وفى هذا نظر؛ لأنا لا نسلم هذا فى الأسماء المختصة بالله- سبحانه وتعالى- مثل: القدوس والرحمن.
وقد كتبوا لفظة «الله» بلامين، وكتبوا لفظة «الذى» بلام واحدة، مع استوائهما فى اللفظ، وفى أكثر الدوران على الألسنة، وفى لزوم التعريف، والفرق من وجوه:
الأول: أن قولنا: «الله» اسم معرب متصرف تصرف الأسماء، فأبقوا كتابته على الأصل.
أما قولنا «الذى» فهو مبنى من أجل أنه ناقص، مع أنه لا يفيد إلا مع صلته، فهو كبعض الكلمة، ومعلوم أن بعض الكلمة يكون مبنيّا، فأدخلوا فيه النقصان لهذا السبب، ألا ترى أنهم كتبوا قوله- تعالى- «اللذان» بلامين؛ لأن التثنية أخرجته عن مشابهة الحروف؛ لأن الحرف لا يثنى.
الثانى: أن قولنا: «الله» لو كتب بلام واحدة لالتبس بقوله: «إله»، وهذا الالتباس غير حاصل فى قولنا: «الذى».
الثالث: أن تفخيم ذكر الله- تعالى- فى اللفظ واجب، هكذا فى الخط، والحذف ينافى التفخيم.
اسم الکتاب : شرح طيبة النشر المؤلف : النويري، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 85