اسم الکتاب : شرح طيبة النشر المؤلف : النويري، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 300
سورة أم القرآن
قال القتبى: أصل «السورة» الهمز، من: أسأرت: أبقيت، أو الواو من: سورة المجد، وهو الارتفاع [1]. [1] قال ابن سيده: سميت السورة من القرآن سورة؛ لأنها درجة إلى غيرها، ومن همزها جعلها بمعنى بقية من القرآن وقطعة، وأكثر القراء على ترك الهمزة فيها، وقيل: السورة من القرآن يجوز أن تكون من سؤرة المال، ترك همزه لما كثر فى الكلام.
التهذيب: وأما أبو عبيدة فإنه زعم أنه مشتق من سورة البناء، وأن السورة عرق من أعراق الحائط ويجمع: سورا، وكذلك الصورة تجمع: صورا، واحتج أبو عبيدة بقوله: سرت إليه فى أعالى السور وروى الأزهرى بسنده عن أبى الهيثم أنه رد على أبى عبيدة قوله، وقال: إنما تجمع «فعلة» على:
فعل- بسكون العين- إذا سبق الجمع الواحد مثل: صوفة وصوف، وسورة البناء وسوره، فالسور جمع سبق وحدانه فى هذا الموضع، قال الله عز وجل: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ قال: السور عند العرب: حائط المدينة وهو أشرف الحيطان، وشبه الله تعالى الحائط الذى حجز بين أهل النار وأهل الجنة بأشرف حائط عرفناه فى الدنيا، وهو اسم واحد لشىء واحد، إلا أنا إذا أردنا أن نعرف العرق منه قلنا: سورة، كما نقول: التمر، وهو اسم جامع للجنس، فإذا أردنا معرفة الواحدة من التمر قلنا: تمرة، وكل منزلة رفيعة فهى سورة مأخوذة من سورة البناء، وأنشد للنابغة:
ألم تر أن الله أعطاك سورة ... ترى كل ملك دونها يتذبذب
معناه: أعطاك رفعة وشرفا ومنزلة، وجمعها: سور، أى: رفع. قال: وأما سورة القرآن فإن الله جل ثناؤه جعلها سورا مثل: غرفة وغرف، ورتبة ورتب، وزلفة وزلف؛ فدل على أنه لم يجعلها من سور البناء؛ لأنها لو كانت من سور البناء لقال: فأتوا بعشر سور مثله، ولم يقل: بعشر سور. والقراء مجتمعون على سور، وكذلك اجتمعوا على قراءة سور فى قوله: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ ولم يقرأ أحد:
بسور؛ فدل ذلك على تميز «سورة» من سور القرآن عن «سورة» من سور البناء. قال: وكأن أبا عبيدة أراد أن يؤيد قوله فى الصور أنه جمع صورة، فأخطأ فى الصور والسور، وحرف كلام العرب عن صيغته فأدخل فيه ما ليس منه؛ خذلانا من الله لتكذيبه بأن الصور قرن خلقه الله تعالى للنفخ فيه حتى يميت الخلق أجمعين بالنفخة الأولى ثم يحييهم بالنفخة الثانية؛ والله حسيبه.
قال أبو الهيثم: السورة من سور القرآن عندنا قطعة من القرآن سبق وحدانها جمعها، كما أن الغرفة سابقة للغرف، وأنزل الله عز وجل القرآن على نبيه شيئا بعد شىء وجعله مفصلا، وبين كل سورة بخاتمتها وبادئتها وميزها من التى تليها، قال وكأن أبا الهيثم جعل السورة من سور القرآن من: أسأرت سؤرا، أى: أفضلت فضلا، إلا أنها لما كثرت فى الكلام وفى القرآن ترك فيها الهمز كما ترك فى «الملك»، ورد على أبى عبيدة، قال الأزهرى فاختصرت مجامع مقاصده، قال: وربما غيرت بعض ألفاظه والمعنى معناه.
ابن الأعرابى: سورة كل شىء: حده، ابن الأعرابى: السورة: الرفعة، وبها سميت السورة من القرآن، أى: رفعة وخير، قال: فوافق قوله قول أبى عبيدة، قال أبو منصور: والبصريون جمعوا الصورة والسورة وما أشبهها صورا وصورا سورا سورا، ولم يميزوا بين ما سبق جمعه وحدانه وبين ما سبق وحدانه جمعه، قال: والذى حكاه أبو الهيثم هو قول الكوفيين وهو يقول به إن شاء الله تعالى.
ابن الأعرابى: السورة من القرآن معناها: الرفعة لإجلال القرآن، قال ذلك جماعة من أهل اللغة.
قاله فى اللسان ينظر لسان العرب (سور).
اسم الکتاب : شرح طيبة النشر المؤلف : النويري، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 300