اسم الکتاب : شرح طيبة النشر المؤلف : النويري، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 103
وتختص بالمضىّ؛ تقول [1]: ما فعلته قط، والعامة تقول: لا أفعله قط، وكذا استعملها الناظم، ففيه نظر. و (من ترتيله): يتعلق ب (يمل). [أى] [2]: فبسبب [3] ما تقدم ينبغى أن يحرص السعيد على تحصيل القرآن، ولا يملّ من ترتيله فى وقت من الأوقات؛ فهو أفضل ما اشتغل به أهل الإيمان، وأولى ما عمّرت به الأوقات والأزمان، ومذاكرته [4] زيادة فى [5] الإفادة والاستفادة، وتجويده فرض واجب، والتبحر فى علومه هو أسنى المناقب وأعلى المراتب، وفى فضله من الأخبار المأثورة والآثار المشهورة ما يعجز المتصدى لجمعها [6] عن الاستيعاب، ويقصر عن ضبطها ذوو الإطناب والإسهاب.
وأخرج [7] الترمذى من حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف» [8].
وأما الذين رفعوا أوله وآخره فهو كقولك مدّ يا هذا.
وأما الذين خففوه فإنهم جعلوه أداة، ثم بنوه على أصله فأثبتوا الرفعة التى كانت تكون فى قط وهى مشددة؛ وكان أجود من ذلك أن يجزموا فيقولوا ما رأيته قط، مجزومة ساكنة الطاء، وجهة رفعه كقولهم لم أره مذ يومان، وهى قليلة، كله تعليل كوفى، ولذلك وضعوا لفظ الإعراب موضع لفظ البناء، هذا إذا كانت بمعنى الدهر، وأما إذا كانت بمعنى حسب، وهو الاكتفاء، فقد قال سيبويه: قط ساكنة
الطاء، معناها الاكتفاء، وقد يقال قط وقطى؛ وقال: قط معناها الانتهاء، وبنيت على الضم كحسب. وحكى ابن الأعرابى: ما رأيته قط، مكسورة مشددة، وقال بعضهم: قط زيدا درهم، أى كفاه، وزادوا النون فى قط فقالوا قطنى، لم يريدوا أن يكسروا الطاء لئلا يجعلوها بمنزلة الأسماء المتمكنة، نحو يدى وهنى.
وقال بعضهم: قطنى كلمة موضوعة لا زيادة فيها كحسبى؛ قال الراجز:
امتلأ الحوض وقال: قطنى ... سلا رويدا قد ملأت بطنى
وإنما دخلت النون ليسلم السكون الذى يبنى الاسم عليه، وهذه النون لا تدخل الأسماء، وإنما تدخل الفعل الماضى إذا دخلته ياء المتكلم، كقولك ضربنى وكلمنى، لتسلم الفتحة التى بنى الفعل عليها، ولتكون وقاية للفعل من الجر؛ وإنما أدخلوها فى أسماء مخصوصة قليلة، نحو قطنى وقدنى وعنّى ومنّى ولدنّى، لا يقاس عليها، فلو كانت النون من أصل الكلمة لقالوا قطنك، وهذا غير معلوم.
وقال ابن برى: عنّى ومنّى وقطنى ولدنى على القياس؛ لأن نون الوقاية تدخل الأفعال لتقيها الجر وتبقى على فتحها، وكذلك هذه التى تقدمت دخلت النون عليها لتقيها الجر فتبقى على سكونها ينظر لسان العرب (5/ 3673). [1] فى ص: فنقول، وفى د: فيقول. [2] سقط فى م. [3] فى م، د: بسبب. [4] فى م: ولذاكره. [5] فى م، ص: من. [6] فى ص: بجمعها. [7] فى ز، ص، د: وخرج. [8] أخرجه الترمذى (2910) والبخارى فى التاريخ الكبير (1/ 679) من طريق محمد بن كعب القرظى
اسم الکتاب : شرح طيبة النشر المؤلف : النويري، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 103