اسم الکتاب : غيث النفع في القراءات السبع المؤلف : الصفاقسي، أبو الحسن الجزء : 1 صفحة : 104
وهو مذهب جماعة كثيرة من المتأخرين، وأبعد قوم فقالوا فيه بالإظهار، وهم إن ثبت لهم بغير الإدغام المحض رواية فمسلم، وإن تركوه فرارا من الوقوع في الجمع بين الساكنين على غير حده؛ لأن ذلك لا يجوز في العربية وهو المأخوذ من كلامهم لتعليلهم به فغير صحيح لأن هذا الأصل مختلف فيه فالمشهور عندهم أن حد اجتماع الساكنين أن يكون الأول حرف مد ولين، والثاني مدغم فيه نحو فِيهِ هُدىً*، وَلا تَيَمَّمُوا على رواية البزي، لأن حرف المد واللين، وإن كان ساكنا فإنه في حكم المتحرك لأن ما فيه من المد قائم مقام الحركة ومنهم من جعله كون الثاني مدغما فيه نحو شهر رمضان وهل تربصون، ومنهم من قال أن يكون الأول حرف مد ولين نحو محياي في قراءة الإسكان ولو سلّم أن النحويين اتفقوا على الأول لم يمنعنا ذلك من القراءة بالإدغام المحض، لأن القراءة لا تتبع العربية بل العربية تتبع القراءة لأنها مسموعة من أفصح العرب بإجماع وهو نبينا- صلى الله عليه وسلّم- ومن أصحابه ومن بعدهم إلى أن فسدت الألسن بكثرة المولدين، وهم أيضا من أفصح العرب، وقد قال ابن الحاجب ما معناه: إذا اختلف النحويون والقراء كأن المصير إلى القراء أولى لأنهم ناقلون عمن ثبتت عصمته من الغلط، ولأن القراءة ثبتت تواترا وما نقله النحويون فآحاد، ثم لو سلّم أن ذلك ليس بمتواتر فالقراء أعدل وأكثر فالرجوع إليهم أولى وأيضا فلا ينعقد إجماع النحويين بدونهم لأنهم شاركوهم في نقل اللغة، وكثير منهم من النحويين.
وقال الإمام الفخر ما معناه: أنا شديد العجب من النحويين إذا وجد أحدهم بيتا من الشعر، ولو كان قائله مجهولا يجعله دليلا على صحة القراءة، وفرح به، ولو جعل ورود القراءة دليلا على صحته كان أولى.
وقال صاحب الانتصاف: «ليس القصد تصحيح القراءة بالعربية بل تصحيح العربية بالقراءة».
اسم الکتاب : غيث النفع في القراءات السبع المؤلف : الصفاقسي، أبو الحسن الجزء : 1 صفحة : 104