ولعل هذا الورع وذاك التواضع وتلك السماحة والسهولة في تناول الأمور عند الكسائيّ، فضلا عن المكانة العلمية للرجل، كل ذلك قد مهّد للكسائي أن ينال حظّا من المبشرات من خلال الرؤيا الصالحة.
فقد أورد الخطيب البغدادي عن الكسائيّ قوله: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال لي: أنت الكسائيّ؟ فقلت: نعم، يا رسول الله.
قال: «اقرأ».
قلت: وما أقرأ يا رسول الله؟
قال: «اقرأ وَالصَّافَّاتِ صَفًّا».
قال: فقرأت وَالصَّافَّاتِ صَفًّا فَالزَّاجِراتِ زَجْراً فَالتَّالِياتِ ذِكْراً إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ فضرب النبي- صلّى الله عليه وسلّم- بيده كتفي، وقال: «لأباهين بك الملائكة غدا» [1].
ومما رئى له، ما حكاه تلميذه أبو مسحل الأعرابي قال: رأيت الكسائيّ في النوم، كأن وجهه البدر، فقلت: ما فعل الله بك؟
قال: غفر لي بالقرآن! فقلت: ما فعل بحمزة الزيات؟ [1] تاريخ بغداد (11/ 410).