اسم الکتاب : مقدمات في علم القراءات المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 227
الرد على هذه الشبهة
: لو كانت القراءة بالمعنى حاصلة فعلا لكان بين أيدينا الآن آلاف المصاحف المختلفة نتيجة لذلك.
وإن القول بجواز تبديل لفظ بآخر يؤدي إلى ذهاب الإعجاز الذي هو من أهم مميزات القرآن الكريم، وإن كل لفظ فيه مقدر في موضعه خير تقدير، ومعبر أصح تعبير، ولا يمكن أن يسدّ أي لفظ آخر مسدّه.
وأما ما اعتمد عليه مثيرو هذه الشبهة من روايات وآثار، مثل حديث: «ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب ولا ذكر عذاب برحمة» [1] وما يروى عن ابن مسعود أنه كان يقرئ رجلا: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعامُ الْأَثِيمِ [الدخان: 43 - 44] وكان الرجل يقول: طعام اليتيم فقال له ابن مسعود: أتستطيع أن تقول: طعام الفاجر. قال:
نعم. قال: فقل [2]، فإنها لا تصلح حجة لهم، فالحديث يراد به تبيين أن الحروف التي نزل بها القرآن متفق مفهومها، لا يكون في شيء منها المعنى وضده، ولا يختلف الوجه منها عن معنى وجه آخر بما يضاده، كالرحمة التي هي خلاف العذاب وضده.
أما الأثر المروي عن ابن مسعود فإنه ضعيف السند لا يصح الاحتجاج به [3]، وعلى فرض صحته فإنه يحمل على أنه أراد توضيح المعنى له ليكون ذلك وسيلة إلى النطق بالصواب، قال القرطبي: «ولا حجة في هذا للجهال من أهل الزيغ أنه يجوز إبدال الحرف من القرآن بغيره، لأن ذلك إنما كان من عبد الله تقريبا للمتعلم وتوطئة منه للرجوع إلى الصواب واستعمال الحق والتكلم بالحرف على إنزال الله وحكاية رسول الله صلّى الله عليه وسلم [4]. [1] رواه الطحاوي في مشكل الآثار (8: 113)، والطبري في تفسيره (1: 46)، وأحمد في المسند برقم 8390 (14: 120) وقال محقق المسند شعيب الأرناءوط: إسناده حسن. [2] رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن ص 183، وأورده الفخر الرازي في تفسيره (27: 215). [3] انظر: تعليق محقق فضائل القرآن على الحديث، ص 183. [4] القرطبي، الجامع لأحكام القرآن (16: 149).
اسم الکتاب : مقدمات في علم القراءات المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 227