برطيلاً[1] يغلب صاحبه؟ {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [2].
فإن قالوا: لما عُدم بيت المال أكلنا من هذا. قلنا: هذا مثل من يقول: أنا أزني لأنّي أعزب لا زوجة لي. فهو هذا من غير مجازفة
وقولهم: نفعل هذا لأجل مصلحة الناس. فنقول: ما على الناس أضر من إبليس ومنكم، أذهبتم دنياهم وآخرتهم والناس يشهدون عليكم بذلك. وهؤلاء أهل شقراء شرطوا لابن إسماعيل كل سنة ثلاثة وثلاثين أحمر، ويسكت عن الناس ويريحهم من أذاه، ولا يحكم بين اثنين، ولا يفتي، فلم يفعل واختار حرفته الأولى.
وأما جوابه لمن استدل عليه: {وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً} [3] بقوله نزلت في كعب بن الأشرف[4] فهذا ترس قد أعدَّه هؤلاء الجهّال الضّلال لردّ كلام الله- إذا قال لهم أحد: قال الله كذا قالوا: نزلت في اليهود، ونزلت في النصارى، نزلت في فلان.
وجواب هذه الشبهة الجاهلة الظالمة الفاسدة من وجوه:
الأول: أن يقال: معلوم أنَّ القرآن نزل بأسباب، فإن كان لا يُسْتَدَلُّ به إلاّ في تلك الأسباب بطل استدلاله بالقرآن وهذا خروج من الدين. [1] البرطيل: حجر أو حديد طويل صلْب ليس مما يُطَوِّلُهُ الناس ولا يُحَدِّدُونَهُ تنقر به الرَّحى. (لسان العرب 1/259 مادة: [برطل] ) . [2] جزء من الآية 16 من سورة النور. [3] جزء من الآية 44 من سورة المائدة. [4] هو: كعب بن الأشرف الطائي، من بني نبهان، شاعر جاهلي، كانت أمّه من (بني النضير) فدان باليهودية وكان سيداً في أخواله يقيم في حصن له قريب من المدينة، أدرك الإسلام ولم يسلم وأكثر من هجو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتحريض القبائل عليهم وإيذائهم، وخرج إلى مكة بعد غزوة بدر فندب قتلى قريش فيها وحض على الأخذ بثأرهم فانطلق إلى قتله خمسة من الأنصار، فقتلوه في ظاهر حصنه في العام الثالث للهجرة 624م. (الأعلام 5/225 بتصرف) .