بالك بالمحتسب الذي يرجو ما عند الله والدار الآخرة؟
إن له في الأنبياء والرسل وعلى وجه الخصوص محمد صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه1 وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" 2.
فلا نصب ولا حزن ولا انتقام للنفس ولا دعاء بالشر, إنما دعاء بالخير والمغفرة للمعتدي ورباطة جأش وسكينة..تلك هي أخلاق النبوة الراقية التي تسمو بالإنسان إلى أعلى مراتب الإنسانية والتي ارتوى منها الشيخ الإمام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله وعلمها رجاله الأبطال: قال رحمه الله في رسالته التي أرسلها لبعض الإخوان:
"بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الوهاب إلى نغيمش وجميع الإخوان سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
إن سألتم عنا فنحمد الله إليكم الله الذي لا إله إلا هو, ونخبركم أنا بخير وعافية, أتمها الله علينا وعليكم في الدنيا والآخرة, وسرّنا والحمد لله ما بلغنا عنكم من الأخبار من الاجتماع على الحق والإتباع لدين محمد صلى الله عليه وسلم وهذا هو أعظم النعم المجموع لصاحبه بين خيري الدنيا والآخرة, عسى الله أن يوفقنا وإياكم لذلك, ويرزقنا الثبات عليه, ولكن يا إخواني لا تنسوا قول الله تعالى:
1- قال الزبيدي: " اودميته" أنا "ودميته" تدمية إذا ضربته حتى خرج منه دم: تاج العروس 10/130 فصل الدال من باب الواو والياء مادة: "دمى".
2-أخرجه البخاري في صحيحه ك: الأنبياء-ب: حديث بينا امرأة ترضع ابنها..4/213, وك: الاستتابة- ب: حديث عبد الله كأني انظر....9/20.