فدلت الآية الكريمة على أنهم لما كانوا صابرين على أمره تعالى وترك زواجره وتصديق رسله وأتباعهم فيما جاءوهم به كان منهم أئمة يهدون إلى الحق بأمره ويدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر1.
ولا تأتي الإمامة في الدين والتمكين إلا بعد التمحيص والابتلاء, فمن صبر وثبت عند الابتلاء موقنا بنصر الله نال شرف التمكين.
قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:
"سئل بعضهم أيما الابتلاء أو التمكين؟ فقال: الابتلاء ثم التمكين2.
وسئل الشافعي رحمه الله: " أيما أفضل للرجل أن يمكن أو يبتلى؟ فقال: لا يمكن حتى يبتلى, والله عز وجل ابتلى أولى العزم من رسله, فلما صبروا مكنهم"3ا. هـ.
وحول ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " الإمامة في الدين موروثة عن الصبر واليقين"4.
ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله: " بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين"5.
ويحلل ذلك فيقول: " فباليقين يعلم حقيقة الأمر والنهي والثواب والعقاب, وبالصبر ينفذ ما أمر به ويكف نفسه عما نهى عنه ولا يحصل له التصديق بالأمر والنهي , إنه من عند الله وبالثواب والعقاب إلا باليقين, ولا يمكنه الدوام
1-تيسير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير3/471 اختصره, وعلق عليه واختار أصح رواياته محمد نسيب الرفاعي- ن مكتبة المعارف- الرياض- ط"1410هـ-1989م" بتصرف.
2- مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب- القسم الرابع- التفسير ص 30, ومختصر زاد المعاد ص 164.
3- المرجع السابق – مختصر زاد المعاد ص 164.
4-مجموع الفتاوى 10/39.
5-إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان2/197, تحقيق محمد حامد الفقي- ن دار المعرفة- بيروت- لبنان- ط/بدون.